50 % من موادها الأولية مستوردة.. التمويل هو أكثر ما يرهق صناعيي الجلديات
دمشق – مادلين جليس
تشهد صناعة الجلديات رغم عراقتها تراجعاً ملحوظاً لاسيما في ظل العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب المفروضة على سورية، والتي منعت الكثير من الصناعيين من تأمين المواد الأولية اللازمة لصناعتهم.
وعلى هامش معرض “سيلا” الدولي الخامس عشر للأحذية والجلديات “دورة التحدي”، ربيع وصيف 2023، والذي أقامه الاتحاد العربي للصناعات الجلدية وتنظمه مجموعة مشهداني الدولية للمعارض والمؤتمرات بالتعاون مع وزارة الصناعة على أرض مدينة المعارض بدمشق، التقت “البعث” عدداً من الصناعيين المتخصّصين في هذه الصناعة، ممن أشاروا إلى انخفاض الطلب على منتجات هذه الصناعة، لأسباب عديدة.
الصناعي ياسر السقا رأى أن تأمين المواد الأولية هو العقبة الأولى أمام مصنّعي الجلديات، خاصة وأن أغلبها مستورد، وتأتي الصعوبة الأكبر بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، مؤكداً أن نقل الصناعيين إلى المناطق الصناعية كان أفضل لهم في موضوع الكهرباء، إلا أنها إلى الآن غير مستقرة وساعات قطعها كثيرة ومتكررة، فعلى الرغم من تخصيص المدينة الصناعية في الشيخ نجار بخط ذهبي، إلا أن الكهرباء في باقي المناطق الصناعية ضمن مدينة حلب (العرقوب” و”الكلاسة” و”الراموسة”) محدّدة بـ 12 ساعة نظرياً، لكن فعلياً لا تصل لأكثر من 7 ساعات وضمنها عدة انقطاعات.
انخفاض بالإنتاج
وتطرّق السقا إلى نقص اليد العاملة الذي سبّبه الزلزال، فحالة الخوف التي أصابت الجميع منعت الكثير من العمال من العودة لنشاطهم وأعمالهم التي كانت قبل الزلزال وخاصة ممن تهجروا من منازلهم بسبب الانهيارات أو التصدعات، إضافة إلى حالة الخوف التي أصابت الكثيرين بعد أن شاهدوا الدمار والموت الذي سبّبه الزلزال، لافتاً إلى وجود الكثير من الورشات والمنشآت الصناعية الصغيرة التي تضرّرت كثيراً بسبب الزلزال، لكن المناطق الصناعية لم تتضرّر، لأنها في أغلبها متينة البناء ومصمّمة لذلك.
ووافق الصناعي عادل قباني ابن كاره السقا لجهة نقص اليد العاملة في مصانع ومعامل حلب وخاصة في المناطق الشرقية التي تعرّضت لدمار كبير، فأغلب العمال -كما يقول قباني- يسكنون في المناطق الشرقية ونتيجة الضرر الذي أصاب منازلهم والإصابات التي أصابت عدداً منهم لم يستطيعوا العودة لعملهم، وبالتالي تأثرت المعامل بسبب غيابهم وانخفض إنتاجها بنسب كبيرة ملحوظة. وأشار قباني إلى أن المواد الأولية في صناعة الجلديات مستوردة بنسبة 50% وكان هناك صعوبة في تأمينها قبل وقوع كارثة الزلزال ولكن ذلك زاد بعده.
كـ “بالع الموس عالحدين!”
بينما يرى الصناعي علاء قباني أن مشكلة الشحن الداخلي بين المحافظات هي المشكلة الأكبر، وخاصة مع ارتفاع أجور الشحن وصعوبة استلام قيمة البضائع المرسلة للزبائن، مبيناً أنه وعندما يقوم بشحن بضاعة مثلاً لزبون بقيمة 5 ملايين ليرة، فلا يمكنه استلام قيمة الشحن إذا كان الزبون قد استلم بضاعة من شخص آخر بقيمة 5 ملايين أيضاً، أي يسمح لأحد المرسلين فقط استلام قيمة البضاعة من الزبون، لافتاً إلى أن هناك أجور عمال يتوجب عليهم دفعها في نهاية كلّ أسبوع وثمن مواد أولية للمنتج، وكلّ ذلك متوقف بسبب التأخر في استلام قيمة البضائع المشحونة للزبائن.
وتطرّق قباني إلى مسألة رفع سعر المازوت الصناعي التي أثرت على أجور الشحن أيضاً، ففي السابق كانت قيمة شحن صندوقين 6000 ليرة، أما اليوم فارتفع السعر إلى 27000 ليرة، ورغم ذلك فالصناعي غير قادر على إيقاف العمل والشحن، فحينها سيكون الوضع أسوأ مما هو عليه الآن، موصِّفاً حال الصناعي كـ”البالع الموس عالحدين”، مشيراً إلى أن هذه الزيادات ستنعكس حتماً على المستهلك في نهاية المطاف.
من جانبه رأى الصناعي أسعد كجون، أن انخفاض الطلب على الجلديات ليس وليد كارثة الزلزال أو رفع سعر المازوت الصناعي، ففي السنوات الأخيرة انخفض الطلب على هذا المنتج، وانخفض شراؤه لدى المستهلك، لكن رفع سعر المازوت زاد الأمر سوءاً، مؤكداً أن تمويل المستوردات هو أكثر ما يرهق أغلب الصناعيين.