أمريكا تحاول إخضاع باكستان عبر أذرعها الإرهابية
تقرير إخباري:
تتكرّر الاعتداءات الإرهابية في باكستان بوتيرة متزايدة مخترقةً مناطق جديدة، حيث نجد أنواعاً متفرّقة من تلك الاعتداءات بعضها يستهدف الأمن والجيش وهو ما تتبنّاه حركة “طالبان باكستان” الإرهابية بشكل كبير بعد أن قرّرت إنهاء الهدنة المؤقتة التي وقّعتها مع الحكومة التي لم تستجب لشروطها التعجيزية، حيث هدّدت باستهداف مراكز الشرطة وجميع المدن.
أما النوع الآخر من الاعتداءات فيستهدف المساجد ودور العبادة وغيرها من الأماكن المقدّسة لأسباب “طائفية”، وتتبنّاه الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم “داعش”، إضافةً إلى نوعٍ ثالث يستهدف العاملين والمختصين التقنيين الأجانب وخاصة الصينيين، كما شهدت بولان وحدها خلال الشهر الماضي 30 عملاً إرهابياً لحركة “جيش تحرير بلوشستان” الإرهابية أدّت إلى مقتل 28 عنصراً في الجيش.
واللافت الآن أن التنظيمات الإرهابية كانت تنشط بعملياتها على الشريط الحدودي مع أفغانستان متسلّلةً عبر أراضيها وجبالها الوعرة، أما الآن فأصبحت تتوغّل نحو أقصى الداخل وصولاً إلى المدن المطوّقة أمنياً مثل كراتشي وحتى العاصمة إسلام آباد، التي كانت تعدّ منطقة آمنة من خطر الإرهاب نوعاً ما في السنوات الأخيرة. يمكن ربط هذا المشهد الدامي بسهولة مع الدعم الخارجي والاستخباري والمالي من الولايات المتحدة التي أتمّت عبثها في أفغانستان على حدودها، والفلتان الأمني الذي خلّفه انسحابها المفاجئ من المنطقة، إضافةً إلى ممارساتها خلال عقدي وجودها غير الشرعي في أفغانستان، حيث كانت تدّعي محاربة الإرهاب والتطرّف فيها في الوقت الذي كانت تغضّ الطرف عن تسلّل التنظيمات المتطرّفة نحو باكستان، وتسمح لها بالنموّ والتدريب، علاوةً على مدّها بالدّعم المالي واللوجستي وفقاً لمعاييرها المزدوجة.
للأسف، إسلام أباد مخيّرة الآن بين الاصطفاف مع الولايات المتحدة في حروبها ونزاعاتها في المنطقة، أو الإبقاء على تقاربها وعلاقاتها التي أخذت تنمو وتتوسّع مع روسيا والصين، وخاصةً أن المساعدات الاقتصادية لباكستان من الأخيرتين تنتشلها من مستنقع التطبيع مع القوى الصهيوأمريكية والغربية، فتحوّلها نحو الشرق يزيد من العراقيل والعداوة الأمريكية لها، التي تحاول دعم الفوضى والتقسيم والتأثير في وحدة المؤسسة العسكرية في البلاد لتمرير مشاريعها.
أما على الصعيد الداخلي فإن الانقسام الحاد والخلافات بين حكومة إسلام أباد والمعارضة التي يقودها عمران خان، تنعكس على قوة المؤسستين الأمنية والعسكرية، وتلقي بظلالها على هشاشة الأوضاع السياسية والأمنية، ما يعرقل عمليات الأجهزة المختصة في شنّ عملياتٍ محكمة ضدّ التنظيمات الإرهابية التي عادت للنمو بكثافة.
أمام هذا الوضع الصعب داخلياً وخارجياً الذي أدّى إلى مقتل وجرح المئات من المدنيين والشرطة في وقتٍ قصير، والذي سبّب استنكار الموطنين في البلاد، فإن القوات الحكومية عازمة على استعادة قواها والعودة من جديد لضرب معاقل الإرهاب على الشريط الحدودي مع أفغانستان وغيرها من الأماكن، على اعتبار أن البلاد أصبحت على قناعة تامة بأن التحالف مع أمريكا لن يفيدها وهو زائل بزوال المصلحة والهدف، مفضلةً التحالف الاستراتيجي مع روسيا والصين، لتحقيق الاستقرار الأمني، وحلّ مشكلات الطاقة والتنمية المتفاقمة.
بشار محي الدين المحمد