اليوم العالمي للمرأة.. دعم للحقوق والمساواة
د. معن منيف سليمان
يحتفل العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار من كلّ عام، للاعتراف بإنجازات النساء ودعم حقوقهن ومساواتهن مع الرجل في مختلف مجالات الحياة، ومنها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومجالات العمل والوظائف.
تبدأ قصة اليوم العالمي للمرأة منذ عام 1856، حينما خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك الأمريكية على الظروف اللا إنسانية التي كنّ يجبرن على العمل وفقها، وعملت الشرطة على تفريق المتظاهرات، وعلى الرغم من ذلك فقد نجحت المسيرة في إبراز مشكلة المرأة العاملة كقضية ملحّة لفتت أنظار السياسيين والمسؤولين.
في عام 1908، وفي يوم 8 آذار تحديداً، عادت قضية عمالة النساء لتتصدّر المشهد مرّة أخرى، حين تظاهرت الآلاف من عاملات النسيج في شوارع نيويورك، وهنّ يحملن الخبز اليابس وباقات الورد، مطالبات بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع.
بعد هذه المظاهرات، أتى 8 آذار من العام التالي 1909، ليتحوّل إلى الاحتفالية الأولى تخليداً للاحتجاجات النسوية في نيويورك، وعرف بـ”اليوم القومي للمرأة في الولايات المتحدة الأمريكية”. وبعد ذلك، اندفعت الحركة نفسها إلى أوروبا، إلى أن تمّ تبنّي اليوم على الصعيد العالمي بعد أن وجدت التجربة صدىً داخل الولايات المتحدة.
أما على المستوى الرسمي، وعلى الصعيد العالمي، فإن منظمة الأمم المتحدة اعتمدت اليوم العالمي للمرأة لأوّل مرّة عام 1977، ليتحوّل هذا التاريخ إلى رمز لنضال المرأة وحقوقها يتمّ الاحتفال به سنوياً.
يعدّ يوم المرأة العالمي مناسبة يُحتفل فيها بالتقدّم نحو ضمان حقّ المرأة في المساواة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تمكينها، والاعتراف بإنجازاتها، ولهذا تهتمّ المنظّمات العالمية مثل اليونسكو بتعزيز جميع المجالات التي من شأنها تحقيق المساواة بين الجنسين، وإلى جانب ذلك أُصدر ميثاق الأمم المتّحدة، في عام 1945، وهو أول اتّفاق دولي يؤكّد على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ومنذ ذلك الوقت أسهمت الأمم المتّحدة بوضع الاستراتيجيات، والمعايير، والأهداف المتّفق عليها دولياً من أجل النهوض بوضع المرأة في جميع أنحاء العالم.
وقد تمّ بيان حقوق المرأة بشكل واضح في القانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال بعض الاتّفاقيات مثل اتّفاقية الأمم المتّحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، وتعدّ حقوق المرأة من ضمن القوانين والسياسات التي تضعها كلّ دولة لتعزيز مكانة المرأة وحمايتها، ويجدر بالذكر أنّ إعطاء المرأة حقوقها لا يقتصر على إتاحة الفرص لها فحسب، وإنّما يشمل تغيير طريقة تعامل المجتمعات والدول المختلفة معها، بما في ذلك اعتماد قوانين وسياسات جديدة، والاهتمام بالمنظّمات الخاصّة بها، ما يسهم في ازدهار المجتمع وتقدّمه.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك معاهدات وهيئات خبراء مكرسة لإعمال حقوق المرأة، منها اتفاقية القضاء على التمييز ضدّ المرأة، وقد اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1979، ودخلت حيّز التنفيذ في 3 أيلول 1981. ومنها أيضاً اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة، وهي فريق من 23 خبيراً مستقلاً في مجال حقوق المرأة من دول أعضاء مختلفة صدّقت على الاتفاقية. ويجب على البلدان الأطراف في الاتفاقية أن تقدّم كل أربعة أعوام تقارير تبيّن بالتفصيل امتثالها لأحكام الاتفاقية. وتستعرض اللجنة (هيئة المعاهدة) هذه التقارير ويجوز لها أيضاً النظر في ادعاءات الانتهاكات والتحقيق في حالات الانتهاكات الجسيمة أو المنهجية لحقوق المرأة.
وفي سبيل تحقيق نوع من التوازن بين الرجال والنساء، وهو المطلب الذي تنادي به الجمعيات النسوية والمنظمات الحقوقية، سجلت عدّة دول في الوطن العربي نوعاً من الاهتمام بالمرأة من خلال بعض التغييرات الهيكلية التي تضمن مكانة أفضل للمرأة في المجتمع. حيث سارت بعض الدول العربية على خطى ثابتة في مجال تعزيز مكاسب المرأة، فقد أصبحت النائب في مجلس النواب، وتترأس برلمان بلدها.
وهنا نجد أن المرأة في سورية قد شغلت نتيجة الاهتمام البالغ مناصب سياسية وإدارية رفيعة، فعملت كنائب ومستشار في رئاسة الجمهورية وعضو في مجلس الشعب ووزير في الحكومة ومدير في مؤسسات الدولة المختلفة، وفضلاً عن ذلك حملت كالرجل بندقية لمواجهة الإرهاب العالمي الذي تتعرّض له سورية.