بانتظار مظاهرات الخميس!
علي اليوسف
“يوم المقاومة”.. هو عنوان مظاهرات يوم غد الخميس في الكيان الصهيوني، وكأنّ في العنوان ما يشي بأن “الربيع” الذي تذوّق العرب، وسورية تحديداً، مرارته بدعم واضح وصريح من الاحتلال الإسرائيلي، سيأخذ دورته الآن داخل مجتمعات الكيان المحتل.
ففي سيناريو مشابه للثورات الملوّنة، لكن بأدوات ذاتية، يعتزم المنظمون تنظيم مظاهرات في جميع أنحاء ما يُسمّى دولة الكيان في عدة مناطق، وتحديداً في منطقة “نتانيا” قبل رحلة رئيس الوزراء إلى إيطاليا، حيث يتمّ التحشيد لمسيرات احتجاجية تبدأ في الصباح وتستمر على مدار اليوم، وستشمل اضطرابات مختلفة على كافة المستويات من قطاع التكنولوجيا إلى الطلاب والمهن الصحية والأوساط الأكاديمية.
من الملفت أن يُستخدم اسم المقاومة في هذا النوع من التظاهرات، وهو الاسم الذي ارتبط تاريخياً بمقاومة الاحتلال والاستعمار، بمعنى أنه حين يتمّ استخدام هذا المصطلح داخل الكيان فهذا يعني أن لهذا الشعار وقعه على قيادات الاحتلال الإسرائيلي، على الأقل من الناحية النفسية، كونه مرتبطاً عملياً بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية التي زلزلت بهذا الاسم وجود الكيان، أي أن منظمي التظاهرات يدركون وقع هذا الشعار على قياداتهم.
حتى الآن تشير كلّ المعطيات إلى أن التوتر سيتصاعد وسيتمّ تعطيل وشلّ حركة المرور في الجو والبحر والبر، وهذا سيفتح الباب على مفاجآت قد تكون من العيار الثقيل، وخاصةً إذا قام وزير الأمن، بن غفير، بتنفيذ تهديده بإطلاق النار على المستوطنين، وما سيترتب على ذلك من تأزيم الموقف أكثر وأكثر، وبالتالي الاتجاه نحو حرب أهلية وصراع داخلي على المستوى الاجتماعي والقضائي والسياسي وحتى الأمني، وما يتبعه من تشظيات قد يكون من أهمها امتثال الشرطة والجيش الإسرائيلي للتعليمات بإطلاق النار على المتظاهرين، كما جرى في مظاهرات الأسبوع الماضي، الأمر الذي سيدفع المتطرفين للزج بميليشياتهم المسلحة في الشارع وقيامهم بالردّ الناري على الشرطة والجيش، ناهيك عن قيامهم بترويع المستوطنين، ليدخل المشهد في سيناريو مركب، أي اشتباك العلمانيين مع المتدينين، واشتباك الشرطة مع المتطرفين. ولا يستبعد في هذا المشهد أن يقوم المتطرفون بارتكاب حماقات ضد الفلسطينيين تنفيذاً لتصريحات وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، والتي دعا فيها إلى “محو” بلدة حوارة الفلسطينية، وهو سيناريو ليس ببعيد عن نوايا قيادات الكيان الخبيثة، بمعنى تصدير الأزمة لتلافي الاشتباك المباشر بين المستوطنين المتظاهرين والشرطة، وأخذ المظاهرات إلى مكان آخر.
وحتى في هذا المكان الآخر، من الواضح أن نتنياهو يقود المشهد إلى حرب أهلية، وتحويل حكمه إلى “دكتاتورية”، خاصةً وأن العنف بين المستوطنين أنفسهم ليس جديداً، لكن أهميته هذه المرة، تكمن في أنه يتزامن مع أشدّ الحكومات القومية والدينية تطرّفاً في تاريخ الكيان الإسرائيلي، حيث لم يشهد هذا الكيان انتفاضة فلسطينية، واحتجاجات مستوطنين يهود، وتغييرات قضائية دفعةً واحدة، بمعنى أن الكيان يعاني من حالة عصيان مدني، وعصيان عسكري، وبمعنى آخر أن الوضع في “إسرائيل” هو انفجار هوية بين القسم اليساري والديني أمام القسم اليميني.