60 عاماً من عمر ثورة آذار…ندوة دار البعث تناقش مفاعيل التجدّد والدور في الحركة الوطنية الفلسطينية
البعث – علي بلال قاسم:
يشكل تاريخ 8-3-1963 بكل ما يحمله من إرثٍ سياسي وثقافي واجتماعي مناسبةً لذاك الرواق الفكري السنوي بكل ما تحمله المناسبة من تحوّلات ومنعطفات أعادت رسم خريطة سورية وتموضعها على سكّة التأسيس والإنجاز، لنكون بعد 60 عاماً على شرارة ثورة ما زالت جذوتها متّقدة ومتجدّدة على أيدي رعيل شارك، وأجيال تكمل المسير على موعد مع إرث كبير ورصيد من الأفكار والعناوين التي حفلت بها الندوة التي أقامتها اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، وتحالف القوى الفلسطينية، بعنوان “ثورة الثامن من آذار والقضية الفلسطينية ودورها في الحركة الوطنية الفلسطينية” على مدرج دار البعث بدمشق، بحضور كثيف من المفكّرين والباحثين والسفراء ورجال الدين، ولفيف من المشاركين الذين تفاعلوا مع حضور – مدروس- للطلبة والشبيبة من مدارس دمشق.
ومع إدارة الدكتور صابر فلحوط، رئيس اللجنة للندوة تم استعراض منجزات ثورة الثامن من آذار، ولاسيما بعد التصحيح الذي أرسى دعائم الدولة القوية في جميع المجالات تلبية لتطلعات الشعب واحتياجاته على جميع المستويات، متحدّثاً عن الصور العظيمة لها، حيث كانت انقلاباً تاريخياً في تصحيح مفاهيم الجماهير، وإعادتها إلى أمجادها وهنائها واستقرارها، ولتؤكّد إنسانية شعارات الثورة التي انتصرت على أعدائها وخصومها دون قتل أو إراقة للدماء، كما أكّدت أخلاق الحزب ونهجه الأصيل الثابت ورفضه التحاور مع القوى الرجعية.
نثرات وإضاءات
وقدّمت الرفيقة شهناز فاكوش، عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، نثراتٍ وإضاءاتٍ حول ثورة البعث، تطرّقت فيها إلى مواقف وأحداث شهدتها الولادة الأولى، وصولاً إلى المستوى العروبي والقومي الذي حقّقته سورية بقيادة حزب البعث، الذي صمد مع الجيش والشعب بوجه الاستعمار القديم والجديد، وواجه الإرهاب نيابة عن العالم، في وقت شكّلت فيه القضية الفلسطينية البوصلة الدائمة لنهجه، مؤكّدة أن الحزب في تجدّد دائم في الدماء والعقيدة والفكر، وهذا ما تجلّى في الحركة التصحيحية التي بنت سورية على أيدي القائد المؤسس حافظ الأسد، واليوم بحرب استمرّت أكثر من عقد، حاول خلالها الإرهاب وداعموه من قوى الاستعمار تدمير كل شيء، إلا أن الصمود والانتصار كان حليفنا بفضل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد، الأمين العام للحزب، وتلاحم الجيش والشعب.
صياغة الدور
بدوره، تحدّث الرفيق رضوان مصطفى، أمين فرع ريف دمشق للحزب، عن دور ثورة آذار والحزب في صياغة الدور المهم للحياة في سورية، عبر مفاهيم متجدّدة وبراغماتية في التفكير الذي لا يحيد عن الثوابت الوطنية والقومية، وتجلّى ذلك بثبات جيشنا العقائدي في وجه أعتى قوى الظلام، وهذا من مفاعيل الاستمرار في قاعدة النهج العروبي الذي ينبع من الالتزام بالقضايا الوطنية.
وتطرّق الرفيق مصطفى إلى قدرة الشعب على كسر الحصار ومواجهة الإرهاب عبر سنوات الحرب، وما أثبته اليوم مع وقوع الكارثة الطبيعية المتمثلة بالزلزال المدمّر، حيث كانت الهبة المجتمعية أكبر مثال على البعد الوطني والدعم المحلي، الذي كُلّل بمشاركة الأصدقاء والحلفاء.
وما يمكن الاستناد إليه في قدرة الدولة السورية على الانتصار مهما كان حجم الصراع، هو توافد الوفود، إضافةً إلى زيارات الشخصيات السياسية والمسؤولين العرب إلى سورية، ليكون الحدث الأبرز زيارة الوفد البرلماني العربي إلى سورية.
وبشفافيةٍ، تناول أمين فرع الحزب، مسألة التقصير بالدور لجهة التحصين ضدّ الزلازل، من النواحي السياسية والفكرية لمواجهة الأعداء وإبقاء سورية بأمان من الاختراق ضدّ أي محاولات لانتهاز واستغلال الكارثة منهم.
تحوّل مركزي
أما الرفيق خالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، فقد أكّد أن ثورة آذار شكّلت محطة تحوّل مركزية وأساسية في تاريخ سورية الحديثة من خلال الإنجازات والمكتسبات، كما كانت ركيزة أساسية في مشروع النهضة القومية العربية، حيث تمكّنت من تجديد وخلق نهج قومي وفق استراتيجية واضحة المعالم، منوّهاً بأن المرحلة التي قادها القائد المؤسس شكّلت بتطوّر وتجدّد الروح والقدرة النضالية من خلال تعزيز الوحدة الوطنية، تماماً كما يجري في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد، من خلال الحكمة والشجاعة في مواجهة الإرهاب الذي يهدف إلى النيل من دور سورية القومي، وخاصةً دورها الثابت في الصراع العربي الصهيوني ودعمها المستمر للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وبيّن، أن ثورة آذار لم تكن حدثاً عابراً في التاريخ المعاصر، بل ثورة تتطلّع للمستقبل ومتجدّدة في الفكر والسياسة والعمل، مشيراً إلى أن سورية اليوم تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تحتضن القضية الفلسطينية وفصائلها المقاومة، ودفعت وما زالت تدفع الأثمان الكبيرة نتيجة هذا الالتزام. وتابع: اليوم نحن أبناء الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الفلسطينية نواجه الإرهاب الصهيوني والمخططات التي تستهدف قضيتنا وحقوق شعبنا، نستمدّ قوتنا من حالة الصمود والانتصارات التي تحقّقت على أعداء الأمة ونفخر بوحدة الدم والمصير مع الشعب العربي السوري.
رأس حربة
من جانبه الدكتور سليم الخراط، أمين عام حزب التضامن الوطني، تناول عامل التجدّد في ثورة آذار بفضل حزب البعث الذي شكّل مدرسة وطنية وقومية، مشيراً إلى أن “سورية معقل العروبة في كل وقت وزمان، ولن تتراجع عن دورها رغم كل الضغوط والحصار والحروب التي ساهمت فيها بعض القوى الرجعية المعادية للعروبة”.
ولفت إلى أن المطلوب في المرحلة القادمة هو أن يبقى البعث رأس حربة في قيادة الوطن، ولمّ شمل القوى في سياق توسيع تجربة الجبهة الوطنية التقدمية، ومتابعة الحوار الوطني عبر جميع المكوّنات السياسية والمجتمعية.