700 منها تعرض للأضرار هذا العام.. الزراعات المحمية مهددة بالتراجع
طرطوس – محمد محمود
تدريجياً تحوّلت زراعات البيوت المحمية في محافظة طرطوس من مشروع زراعي ناجح ذي جدوى اقتصادية، إلى عبء مادي يؤرّق كاهل الفلاحين العاملين بهذه الزراعة، بدءاً من تأمين مستلزمات وتكاليف إنشاء البيت المحمي، مروراً بتأمين الشتلات والبذور والأسمدة ذات التكاليف المرتفعة جداً، وكذلك تأمين الحماية لهذه البيوت، والتدفئة في الصقيع، وتأمينها من التهديدات في ظلّ العواصف المطرية والأحوال الجوية شتاء، وانتهاءً بالتسويق والسعر المنخفض الذي يفاجأ به الفلاح في كل مرة مقارنة بما قدّمه من وقت وجهد، وزاد من كل هذا المعاناة الناتجة عن التداعيات الأخيرة للزلزال المدمر الذي ترافق مع عواصف مطرية شديدة في عدد من المناطق، ما أدى لتضرر عدد كبير من تلك البيوت.
تكاليف باهظة
ويشير عدد مزارعي هذه البيوت في ريفي مدينة بانياس وطرطوس، إلى أن العمل بالزراعة المحمية يشكل مصدر رزق للكثير من العائلات في تلك المناطق، حيث تمّ استصلاح جزء من الأراضي في المحافظة، وتحويلها إلى بيوت محمية، تزرع فيها أنواع مختلفة من الخضار، لكن هذه الزراعة أصبحت مؤخراً أقل وفرة من ناحية المردود المادي، وذلك نتيجة للكلفة العالية، حيث إن أغلب ما يحصل عليه المزارع من مردود يذهب ديوناً للصيدليات الزراعية التي يشتري الفلاح منها البذار والسماد ومواد الرش ومكافحة الحشرات، إضافة لارتفاع أسعار الفلين والنايلون بشكل كبير، مع التأكيد أن تكلفة البيت البلاستيكي الواحد اليوم تفوق الـ7 ملايين ليرة بين نايلون وحديد ومستلزمات الزراعة، وهي أرقام في تصاعد تبعاً للظرف الاقتصادية، مقابل تسويق ضعيف وأسعار يتحكم بها السماسرة وتجار سوق الهال، وهذا الأمر يؤدي لإنهاك المزارع وعدم قدرته على الاستمرارية في الإنتاج والعمل بهذه البيوت التي بدأ عددها بالتراجع.
أضرار كبيرة
وبحسب فؤاد علوش رئيس فرع اتحاد فلاحي طرطوس، فإن أضراراً كبيرة لحقت بالبيوت المحمية هذا العام، حيث طالت أكثر من 700 بيت بلاستيكي جراء التنين البحري، إضافة لصعوبات كبيرة تواجه الفلاح، والملفت أن وزارة التجارة الداخلية تتدخل لخفض أسعار بعض المنتجات الزراعية، لكنها لا تتدخل لخفض مستلزمات تكاليف الإنتاج وتأمينها، لذا يطالب اتحاد الفلاحين الجهات المعنية بتأمين مستلزمات الإنتاج حتى تستمر الزراعة في هذا القطاع، وفتح أسواق خارجية لتصدير جزء من الإنتاج بما لا يضرّ بالسوق المحلية، وفي الآن معاً يخدم وضع الفلاح.
كما لفت علوش إلى أن هذه الزراعة تؤمّن مصدر رزق للكثير من الفلاحين، ومؤخراً انتشرت زراعة الموز في مساحات لا بأس بها من هذه البيوت، إضافة للمنتجات الزراعية التقليدية التي كانت تزرع سابقاً: (بندورة، باذنجان، فليفلة، خيار، فاصولياء، فريز)، وذلك في مناطق سهل عكار وميعار شاكر ويحمور وريف بانياس ومناطق أخرى.
أصناف جديدة
في المقابل وبحسب المعلومات التي بيّنتها مديرية الزراعة، ينتشر في محافظة طرطوس أكثر من 144 ألف بيت بلاستيكي، منها 46 ألفاً بمنطقة بانياس و82 ألف بيت في منطقة طرطوس، والباقي موزعة في مناطق وقرى مختلفة ضمن المحافظة.
وحول واقع البيوت المحمية، يؤكد محمد حسن رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية الزراعة، أن هذه البيوت تعدّ مصدر دخل رئيسياً للكثير من الفلاحين، لكن المشكلة اليوم في غلاء مستلزمات إنتاجها، في حين يخضع معروضها لقانون العرض والطلب.
وعن الأصناف الجديدة التي يمكن إدخالها لتلك الزراعات، بيّن حسن أن أي نوع جديد يتطلب موافقة البحوث الزراعية، وبعد إجراء التجارب اللازمة لذلك، وحالياً يتمّ إدخال أصناف جديدة وذات نوعية ممتازة من قبل شركات البذور كلّ موسم، وللأنواع المزروعة في نطاق المحافظة.
إقبال تأميني
من جهته بيّن محمد حسن مدير فرع المؤسسة السورية للضمان، أن الإقبال على تأمين البيوت المحمية يتمّ بشكل جيد، وخاصة بعد أن تم اعتماد الكشف الحسي كوثيقة لإبرام عقد التأمين الزراعي، مشيراً إلى أن مشروع التأمين الزراعي تمّ بموجب كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم ١٦٩٢/١ تاريخ ٩/٦/٢٠٢٢، ويشمل التأمين على الزراعات المحمية، زراعة الخضار، وحماية المزارعين من الكوارث الطبيعية المحتملة الحدوث، حيث تشمل تغطيات عقد التأمين الزراعي: (البرد وثقله، وزن الثلج، الصقيع، الزلازل والبراكين، الانهيارات الأرضية، التنين البحري، الزوبعة، العاصفة الفيضانات)؛ حيث يطلب من الفلاح لإصدار وثيقة التأمين صورة عن الهوية الشخصية وصورة عن التنظيم الزراعي مصدق أصولاً، وكشف حسي للبيوت التي لم يتمّ ترخيصها، لافتاً إلى أن عدد البيوت المؤمنة حالياً وصل إلى نحو 20 ألف بيت، حيث تمّ اعتماد الكشف الحسي عليها من قبل هيئه الإشراف على التامين، أما تغطيات العقد فتصل إلى 5 ملايين ليرة للبيت الواحد.