“عاصي الزند”.. نجومية تيم حسن والخيار الفخ
تمّام بركات
مازال الغموض يكتنف القصة التي سوف تقدمها الدراما التلفزيونية السورية “عاصي الزند” رغم أن بعض الترشيحات، قدمت معلومات عن زمن القصة، ومكانها، وعن طبيعة الحبكة العامة للمسلسل، الذي يلعب دور البطولة فيه، النجم السوري تيم حسن، وهو من تأليف عمر أبو سعدة، ومن إخراج سامر البرقاوي، وسيعرض في رمضان 2023، على شاشة mbc ومنصة شاهد، ليكشف فيما بعد بطل مسلسل “على طول الأيام” (فادي قوشقجي، حاتم علي / 2006) عن برومو العمل، والذي حمل ملمحاً مهماً من ملامح الشخصية الرئيسية “عاصي”، بل الملمح الأهم، وهو لهجتها، التي جاءت من اللهجات السورية المحلية (لهجة جبال الساحل السوري). كما كشف البرومو، بطبيعة الحال، عن هيئة الشخصية وشكلها الخارجي، والتي لم تخرج بالعموم، عن المزاج العام للشخصيات التي قدّمها حسن، خصوصاً في العقد المنصرم، الرجل الوسيم، بغضّ النظر عن ظروف الشخصية ومنطقها، كما قدم البرومو طبيعة الحدث الذي سيكون محورياً في طبيعة الشخصية، والصراع الدرامي الذي ستخوضه، وهو القصاص الذي يطلبه البطل ويؤكد عليه.
خيار اللهجة جاء ذكياً، إذ أنها العامل الحاسم، في خروج بطل مسلسل “الهيبة” بأجزائه، من صورة “جبل” التي أطلّ من خلالها حسن خمس مرات، على الجمهور، دون أن ينجح أي ظهور آخر، في كسر هذه الصورة، كما حدث في شخصية “مراد” الدكتور الجامعي، التي قدمها في مسلسل “العميد” (باسل السلكا/ 2020)، والذي لم يحظ بمتابعة واسعة، كباقي أعمال تيم، بل واختفت ملامح شخصية “العميد” وبهتت، أمام طغيان حضور “جبل شيخ الجبل” بلازمته الشهيرة “ثبااات”، لذا فخيار اللهجة كما أسلفنا هو خيار ذكي، بالنسبة لهذه النقطة بالتحديد، خصوصاً وأن بطل مسلسل “زمن العار” (نجيب نصير، حسن سامي يوسف، رشا شربتجي/ 2009) يعود إلى تقديم شخصية محلية خالصة، بعد 12 عاماً على آخر شخصية محلية قدمها، “أسعد الوراق” (صدقي إسماعيل، رشا شربتجي/ 2010)، ولا يمكن الحكم بعد على صوابية هذا الخيار، بانتظار أحداث العمل وطبيعة قصته، والتي كشفت بعض الترشيحات، عن كونها تعود إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، وتحكي قصة شاب من عائلة متنفذة، يقع في غرام ابنة لأسرة تخدم بيت الشاب وعائلته، وما يستجره عليه الأمر من تبعات مصيرية وحاسمة في هدف الشخصية ومسعاها لتحقيقه.
القصة وإن تكن “كليشيه” في الدراما العربية عموماً، إلا أنها الشكل أو الإطار العام، والمعالجة هي من ستقرّر إن كانت تستحق أن تظهر مرة أخرى، أو العكس، ولهذا فإن خيار اللهجة سيكون من المبكر جداً الحكم عليه، من خلال البرومو، أو حتى من خلال الحلقات الأولى، خصوصاً وأن زمن وقوع الأحداث لن يعرض وفق المنطق الكلاسيكي للسرد القصصي، أو المنطق “الأرسطي” للقص (بداية/ ذروة/ نهاية) بل وفق تقنية العودة بالزمن “الفلاش باك”، والمقاطعة بين زمنين، ما يعني أن التشويق سيكون هو العنوان الأبرز لمعظم حلقات العمل، ذاك أن الخواتيم، في أعمال كهذه، تبقى مفاجئة، وغير متوقعة عموماً.
لكن المعروف عن بطل مسلسل “نزار قباني” (قمر الزمان علوش – باسل الخطيب/ 2005) هو اجتهاده في دراسة الشخصية، وفي تقديم مفرداتها، وفقاً لمنطق الحكاية نفسه، وإن كان للمنطق الإنتاجي التسويقي، رأيه المهمّ في الصورة التي يظهر عليها البطل، فما شاهده الجمهور في “الهيبة” هو صورة لرجل أرستقراطي عموماً، يروح ويجيء سلوكه الشخصي والعام، بين الإقطاعي والبرجوازي، لا لمهرب سلاح ومخدرات في منطقة الجبال الحدودية بين سورية ولبنان، وعليه فلا بد أن يكون هذا الخيار “أي اللهجة” قد تمت دراسته وبعناية، وإلا فإن تقديمه أيضاً من وجهة النظر التسويقية، وبشكل دعائي، سيكون له أثره السلبي على العمل، إذ أن هذا الخيار، ما لم يكن موظفاً وفقاً لضرورة درامية، حاسمة، وواضحة، فإنه سيضع الشخصية في مستودع الشخصيات، التي استخدمتها بشكل دعائي وفج ونمطي.
من اللافت أيضاً في مسلسل “عاصي الزند” البطولة النسائية فيه، فبعد موجة الفنانات الاستعراضيات اللواتي قاسمن تيم بطولة “الهيبة”، تأتي النجمة دانا مارديني، خريجة الأكاديمية ذاتها التي درس فيها تيم حسن (المعهد العالي للفنون المسرحية). ودانا مارديني ممثلة من طراز خاص، فنانة متمكنة من أدواتها، ولديها حضورها الواثق في أي شخصية تؤديها، والأهم هو أن الجمهور سيشاهد ثنائي فني سوري جديد، يعد بالكثير على مستوى الأداء. فهذه المرة، لن يكون تيم حسن هو الطاغي الحضور في الأداء، الأمر الذي تسبّب في تراخيه أحياناً، بل سيكون مضطراً هذه المرة إلى رفع “الدوز” مع ممثلة خبيرة ستحاكم أولاً منطق أداء الشخصية، لا بارفان الشخصية، ونوعية سيارتها، و”اللوك” الذي تظهر به.