مع اقتراب الانتصار الروسي.. واشنطن تصعّد في “شرق آسيا”
تقرير إخباري:
تتسارع الخُطا الأمريكية في أخذ العلاقات مع الصين نحو الأسوأ بشكلٍ متكرّر ومتعمّد، حيث أكّد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن “واشنطن تقود حملة غربية لاحتواء الصين وقمعها”، مشيراً إلى أن “هذه السياسة سبّبت تحدّياتٍ غير مسبوقة أثرت في التنمية الاقتصادية في الصين”، ومشدّداً في الوقت نفسه على “التحلّي بالشجاعة للقتال”.
ما زالت أمريكا تدور في فلك الخلافات المفتعلة ذاته تجاه الصين حول مسائل: فرض عقوبات أمريكية وغربية على بكين “طبعاً الأخيرة ردّت عليها بالمثل”، وانزعاج واشنطن من اختلال ميزان التبادل التجاري لمصلحة الصين، إضافةً إلى مجموعة هواجس ومخاوف أمريكية غير مبررة، كالادعاء بقيام الصين بالتجسّس في معظم المجالات التي تسعى الأخيرة لتطويرها، مثل التقدم الهائل في قطاع الفضاء ومحطتها المأهولة، والنمو السريع والتقني لجيشها ومعداته على الرغم من أنه نمو دفاعي ولا يمكن مقارنته بالنمو الهجومي التهديدي للجيش الأمريكي، الذي يمتلك نحو ألف قاعدة عسكرية في أرجاء العالم، وجميعها تتدخل في الحركات التجارية والنفطية وتساهم في زيادة التوتر وتهديد السلم العالمي، وغير ذلك من مخاوف واشنطن التقنية في مواضيع صناعة أشباه الموصلات والاتصالات.
لكن الملاحظ أن الاستفزازات والخلافات الأمريكية زادت تحديداً في الأشهر الأخيرة بصورة مضاعفة وغير مسبوقة، وهذا يؤكّد وجود أسباب أقوى لمعاداة الصين تتمثل في فشل الإدارة الأمريكية المتفاقم في ملفّ الحرب الأوكرانية التي أشعلت نارها ضدّ روسيا، ومحاولاتها الحثيثة الآن لنقل الاستفزازات من “أوكرانيا ضدّ روسيا”، إلى “تايوان ضدّ الصين”، بعد عجزها عن استمرار حربها وعدم تمكّنها من قطف الثمار التي كانت تتخيّل تحقيقها منها، كما نشاهد بوضوح التحرّكات الأمريكية لتسليح وتحريض تايوان على تأجيج الصراع ضدّ الصين، ودفعها للقيام بتحركاتٍ برية وبحرية وجوية لا تخلو من صيغ الاستفزاز والتهديد لسيادة الصين ووحدة أراضيها، على الرغم من أن أمريكا وجميع دول العالم تؤكّد احترامها لمبدأ “الصين الواحدة”، لكن واشنطن مع ذلك تسعى نحو المزيد من عسكرة منطقة شرق آسيا، محاولة استغلال هدوء السياسة الصينية، كما سبق أن فعلت في استغلالها لهدوء وسلمية السياسة الروسية إبان تهديدات واستفزازات وخطوات نظام كييف العدائية على مدار ثماني سنوات، والسؤال المطروح هنا هل ستكون الصين مضطرّة للصبر إلى هذا الحدّ، ودفع ثمن سياستها الهادئة في ظل محاولات واشنطن تغيير السلوك التاريخي السلمي والهادئ للصين بأي وسيلة ملوّحةً بتهديد سلامة أراضيها؟.
الأغرب من ذلك أن واشنطن تعلم أن أيّ صراع سيكون بين قوى نووية في المنطقة تحديداً، فهي تتجه نحو المزيد من السوء على جبهة أخرى، وتستعدّ في الثالث عشر من آذار الحالي لبدء مناورات مع سيؤول لاستفزاز بيونغ يانغ، توصف بأنها الأكبر منذ سنوات، وكأنها توحي بالتدريب على مناورات لاجتياح كوريا الديمقراطية، وفي الوقت نفسه تعترض على تجارب الأخيرة لأسلحتها الاستراتيجية في المياه الدولية وتهدّد بمقاطعتها، وهو ما دفع الأخيرة إلى التحذير من أنها ستعدّ أيّ اعتراض لصواريخها خلال تجاربها فوق المحيط الهادئ على أنه “إعلان حرب” ضدّها.
إن واشنطن عملت على مدار سنين وما زالت تسعى إلى تهديد كوريا الديمقراطية، لكن ما منعها من ذلك مؤخراً هو يقينها بقوة هذه الدولة التي ما زالت عصيّة أمام كل محاولات الحصار ونشر الأكاذيب بحق قيادتها السياسية الوطنية بذريعة حقوق الإنسان، وغيرها من الاتهامات الغربية الجاهزة، ورغم إدراك إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لقوة بيونغ يانغ وجنوحه للتفاوض معها، إلا أن الرئيس الحالي جو بايدن يسعى إلى سياسة العبث والتهديد وخلط الأوراق، بهدف تحقيق ما يظنّه مكاسب أو بطولاتٍ قد تصبّ في ميزان هيمنة بلاده المتهاوية بشدة، والأمر ذاته ينطبق على الشأن الصيني، بينما الحقيقة التي يحاول الغرب تجاهلها وعدم إدراكها تتلخّص في أنه لا أحد له المصلحة في الحرب، والعقوبات الاقتصادية أصبحت سلاحاً من أسلحة الماضي.