واشنطن تستثمر في الإرهاب في سورية
طلال ياسر الزعبي
لا تستطيع الإدارة الأمريكية مهما ابتدعت من أكاذيبَ وحيلٍ أن تقفز فوق الحقائق الموجودة على الأرض، وفي التاريخ، ومهما حاولت طمس معالم جرائمها فإن ممارسات قوّاتها في كل من العراق وسورية تفضح الدور القذر الذي جاءت لتنفيذه، وخاصة أنها كانت قد اعترفت على لسان وزيرة خارجيتها السابقة هيلاري كلينتون أنها هي التي صنعت تنظيم “داعش” وسلّحته ودرّبته، في إطار ما تسمّيه الاستثمار في الإرهاب، وهي ذاتها التي تستخدم الآن ميليشيا “قسد” العميلة أداة لسرقة ثروات سورية، وهي ذاتها التي تفرض إجراءاتٍ قسرية أحادية الجانب على الشعب السوري لتركيعه وتجويعه وفرض أجنداتها التقسيمية عليه.
وإذا كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لا يزال يستمرئ “قلب الحقائق” والتلاعب بالأحداث، فليس ذلك إلا إمعاناً بمزاولة الدور الخبيث الذي تلعبه الإدارة الأمريكية في منطقتنا، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة ضليعة بالكذب والنفاق والتضليل والخداع وتزوير الأحداث وصناعة الأزمات، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى في غير منطقة من العالم.
ولا تستطيع الإدارة الأمريكية التنصّل من جرائمها المرتكبة بحق الشعوب بالبساطة التي تحدّث بها بلينكن، لأن موضوع الدعم الأمريكي للإرهاب الداعشي بات مفضوحاً، والتغطية التي أمّنتها له القوات الأمريكية في كل من سورية والعراق لم تعُد خافية على أحد، وسرقة الثروات السورية من نفط وقمح تتم على مرأى العالم، وهذا كله تحاول الإدارة الأمريكية التنصّل منه بنوع من السذاجة المفضوحة، كما تفعل حالياً من خلال مجموعة من التسريبات الهوليودية حول تفجير خطّي السيل الشمالي لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، واتهام النظام الأوكراني بارتكاب هذه الجريمة بعد افتضاح تورّط هذه الإدارة بالتخطيط والتنفيذ لهذا العمل الإرهابي على أعلى المستويات.
لا يمكن لوزير الخارجية الأمريكي أو من سبقه غسل أياديهم الملطّخة بدماء السوريين، أو التبرّؤ من السطو على الثروات النفطية والزراعية السورية، لأن الإرهاب الأمريكي قد تعرّى تماماً في سورية، ولأن بلينكن ببساطة يعترف صراحة بدعم إدارته للمجموعات والميليشيات المسلّحة، ما يستوجب بالتالي محاسبة واشنطن على جرائمها في سورية. وقد ولّى عصر الإمبراطوريات، والأيام تُتداول بين الأمم و”لكل شيء إذا ما تم نقصان”، والعالم كله بات يرفض نظام الأحادية الذي يحاول الغرب الاستعماري فرضه عليه، وستخرج الأمم تباعاً لتهزم السيناريوهات الاستعمارية، ولن يكون هذا الرفض حكراً على سورية التي تتطلّع إلى عالم متعدّد الأقطاب يسوده الأمن والاستقرار والكرامة للجميع، ودفعت في سبيل تدشينه غالياً.