أين البحث العلمي؟
وائل علي
ماذا يعني أن يكون لدينا نصف وزارة بحالها مخصّصة للبحث العلمي، وأن يكون لدينا جامعات عريقة عمر بعضها مئة عام، وربما أكثر، وأن يكون لدينا مؤسسات بحجم “الاستشعار عن بعد” و”الطاقة الذرية” و”مركز للبحوث” و”هيئة عليا للبحث العلمي”.. إلخ، وأن يكون لدينا كمّ هائل من العقول الشابة المبدعة المتخصّصة، من أساتذة وطلبة جامعات ودراسات عليا وموهوبين، ومخصصات الإنفاق العلمي تكاد لا تساوي نفقات حفل زفاف أو وليمة غداء لثري؟!.
أترانا لا نحتاج لهذه الأبحاث والدراسات لأننا ختمناها واكتفينا، أم أننا لا نثق بمبدعينا ولا بإبداعاتهم؟ وأين هي آلاف مشاريع تخرج طلبة الجامعات والمعاهد التطبيقية البحثية التي يجبر الطلبة على تقديمها شكلاً لنيل الدرجات والشهادات، بل أن تلقى لاحقاً في الأراشيف والمستودعات، لتتلف بعد حين رغم أن في أغلبها ما فيه من إبداع وخلاصة جهد وعصارة فكر لو قيّض وأتيح لأصحابها عرضها على البيوتات والمراكز البحثية العالمية لألحقت الدنيا ببستان هشام؟!، أم أننا نعرف وندرك سلفاً أنها آخر همومنا واهتماماتنا لأننا منشغلون بآخر صيحات الاستهلاك والرفاه التي تصلنا قبل أن تصل ليد مصنعيها في بلد المنشأ؟.
بتقديرنا أننا اليوم أحوج ما نكون لتلك الأبحاث ونفض الغبار عن مشاريع التخرج والترويج لها وتسويقها للاستفادة منها وترجمتها على أرض الواقع، لأن فيها حلولاً وخلاصاً لمشكلات لا حدود لها.. وهناك الكثير من تلك الأبحاث التي عرضها طلبتنا وباحثونا، الشباب منهم والمخضرمون، في الداخل والخارج، استطاعت أن تأتي بأفكار جديدة وإضافات غير مسبوقة ساهمت بشكل كليّ أو جزئي بتقديم فكرة أو علاج معضلة أو إيجاد طريقة مبتكرة لأمر ما.
إن مراجعة بسيطة لرقم الإنفاق المالي على البحث العلمي، والدور الهامشي لجامعاتنا، الغائب أو المغيب، ستقدم لنا إجابات صادمة لا تخفى على أحد، ما يتطلب ليس التأمل فحسب بل التحول لتقديم الدعم اللامشروط لهذه الطاقات الكامنة التي لا نريد لها أن تخبو وتذبل وتنطفئ، ولا أن نتركها صيداً ثميناً جاهزاً لمن يشتريه بأبخس الأثمان، وأن تخلع جامعاتنا رداء الرتابة والنمطية وتنتزع دورها الريادي في البحث العلمي لتكون بحق مراكز إشعاع معرفي وحضاري وإبداعي على كلّ الصعد وفي كل الميادين!.
ALFENEK1961@YAHOO.COM