مهدي المهدي: نحتاج للاهتمام بالآلات الباروكية
ملده شويكاني
“آفي ماريا” (الأم العذراء) للمؤلف الإيطالي جوليو كاتشيني، بصوت السوبرانو حنين الحلبي وبآهات الفوكاليز الحزينة بمرافقة الوتريات، كانت تحية إلى أرواح شهداء الزلزال في أمسية “رحلة في عالم الباروك”، التي قدّمتها على مسرح الدراما في دار الأوبرا فرقة “عازفو دمشق لموسيقا الباروك”، ضمن مهرجان موسيقا الباروك الرابع، بإشراف مهدي المهدي، وبالتعاون مع المعهد العالي للموسيقا. وقد اتخذت الأمسية طابع الرحلة بالتنقل بين مقطوعات المؤلفين من بلدان مختلفة للتعريف باختلاف رؤية الموسيقيين لموسيقا الباروك الشاعرية التي انتشرت خلال الفترة من 1600 إلى 1750 للميلاد، وتتصف بالارتجال في مواضع وبمسحات رومانسية وبزخارف موسيقية غنائية تفيض بالمشاعر العاطفية.
واقتصر المهرجان على مشاركة فرقة “عازفو دمشق لموسيقا الباروك” المؤلفة من الآلة الأساسية الكلافيسان، وهي “أبو البيانو”، ومجموعة الوتريات كمان أول، كمان ثانٍ، فيولا – تشيللو، كونترباص، واعتمدت على التشكيلة الجماعية بعزف مقطوعات كُتبت للكلافيسان والآلات الوترية، ولم تأخذ الكلافيسان اللحن الأساسي كصولو أو بالمقدمة الموسيقية، إذ كانت تتغلغل ضمن النسيج الموسيقي.
بدأت بمقطوعة فيفالدي الإيطالي –كونشيرتو للوتريات والكلافيسان- وتميّزت بجمالية القفلة الجماعية، ثم سينفونيا رقم 4، للمؤلف الألماني تيليمان، بألحان أكثر سرعة، أما المقطوعة الأجمل المؤلفة من ألحان شفافة وبدا فيها دور الكلافيسان أكبر مع توازي الألحان الوترية بدور التشيللو بصوته الرخيم في مواضع “العازف” قرة بيت أرسلانيان، فهي متتالية السلطان للوتريات والكلافيسان للمؤلف الفرنسي فرانسوا كوبيران، تبعتها ثلاث مقطوعات وترية فقط دون مشاركة الكلافيسان للمؤلف الإنكليزي بورسيل تخللتها ألحان حيوية.
التحليل الموسيقي
مهدي المهدي، مؤلف وقائد أوركسترا، وعازف كمان وفيولا، عمل بالتوزيع الموسيقي للعديد من الفرق، منها أوركسترا أورفيوس، وللمغنين الكبار ميادة الحناوي ومروان محفوظ ولمغني الأوبرا، وله العديد من المؤلفات الرومانسية مثل “خريف” و”حلم” و”أنين” وغيرها، وبعضها يتكئ على التراث مثل رقصة سورية، كما يعمل مدرساً لمادة التحليل الموسيقي في المعهد العالي للموسيقا. وفي حديث لـ “البعث” عن أهمية التحليل الموسيقي، عقب بأن التحليل الموسيقي يفيد في فهم العمل وقالبه بين اللحن الأول واللحن الثاني والتفاعل بينهما، وفي فهم قالب العمل فنعرف بماذا كان يفكر المؤلف حينما ألّف هذا العمل.
الموسيقيون الجدد
وعن عودة إطلاق الفرقة “عازفو دمشق لموسيقا الباروك” من جديد بعد أن توقفت سنوات واعتماده على العازفين الجدد، أوضح أنه أراد أن ينقل خبرته الموسيقية وتجربته بعزف وأداء هذا النمط الموسيقي -عصر الباروك- للأجيال الجديدة، لذلك اعتمد على الموسيقيين الجدد من الطلاب لأنهم أكثر مرونة ولديهم قابلية للتعلم أكثر، وأضاف أن البداية حقّقت أصداء وسنمضي بشكل أكبر ونهتمّ بهذه الموسيقا التي تشبهنا كشعب يتصف بالعاطفي في جزء كبير من السمات النفسية، وموسيقا الباروك غنية بالمشاعر العاطفية، والموسيقيون السوريون قادرون على عزف موسيقا الباروك بكل جدارة.
الكلافيسان ليست البطل
أما عن دور الكلافيسان فلا يكون البطل وإنما يغلف الجو العام، وقد عزف عليها عازف البيانو طارق شرابي، وللأسف لا يوجد اختصاص عزف على الكلافيسان، وبرأيي يجب أن نهتمّ أكثر بالآلات الباروكية.
وكما ذكر مهدي المهدي فإنه يحضّر لأمسيات جديدة يتعمق من خلالها أكثر بموسيقا الباروك، ويطمح أن يقدم أمسية في كنيسة اللاتين بالاعتماد على آلة الأورغن الموجودة فيها.