دراما تفجير خط أنابيب نورد ستريم
عناية ناصر
دخلت دراما تفجير خط أنابيب نورد ستريم حلقة جديدة، حيث قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلاً عن مسؤولين استخباراتيين مجهولين مؤخراً إن مجموعة مؤيدة لأوكرانيا قامت بتخريب خطوط الأنابيب، الأمر الذي تنفي أوكرانيا تورطها أو معرفتها به.
وردّاً على تقرير “نيويورك تايمز”، علق بعض مستخدمي الإنترنت على منصات التواصل الاجتماعي الصينية والأجنبية أنه لا توجد مجموعة مؤيدة لأوكرانيا لديها القدرة والنيّة للقيام بذلك سوى الولايات المتحدة. وفي السياق ذاته، قال مراقبون إن التقرير نفسه لا يستحق حتى دحض الاتهام الغامض والمصدر المجهول والأدلة المزعومة الغامضة المقدمة.
ومع ذلك، فإن واشنطن تتمتع بمثل هذا الوضع الفوضوي، ومن المرجّح أن تحشد المزيد من وسائل الإعلام الأمريكية لتعقيد الوضع مع تعزيز الردع الموجّه لحلفائها عبر المحيط الأطلسي، كما قال مراقبون، متنبئين بالاحتمال الضئيل لإجراء تحقيق بقيادة الأمم المتحدة. ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين رفضهم الكشف عن طبيعة المعلومات الاستخباراتية، وكيف تمّ الحصول عليها أو أي تفاصيل عن قوة الأدلة، وأضافوا أن هناك الكثير مما لا يعرفونه عن الجناة وانتماءاتهم.
كان القارب الذي تمّ استخدامه لزرع المتفجرات يختاً تمّ استئجاره من شركة مقرها بولندا، قيل إنها مملوكة لاثنين من الأوكرانيين، وفقاً لصحيفة “دي تسايت” الألمانية، ولم تتضح جنسيات منفذي الهجوم.
وفقاً لتقرير “نيويورك تايمز”، لم يكن لدى المخابرات أي دليل يُظهر أن الجناة كانوا يتصرفون بتوجيه من قبل أي مسؤول حكومي أوكراني. وكتب ميخايلو بودولاك، مسؤول أوكراني رفيع المستوى، على “تويتر” أن أوكرانيا “لا علاقة لها بحادث بحر البلطيق”، وأضاف أنه ليس لديه معلومات عن “مجموعات تخريبية” موالية لأوكرانيا.
رفضت روسيا مصداقية المعلومات الاستخباراتية، واشتكت من أنها مُنعت من التحقيقات ذات الصلة. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوكالة سبوتنيك: “من الواضح أن هذا انتشار منسق للمعلومات المضللة في وسائل الإعلام”.
وكانت المعلومات الاستخباراتية الجديدة قد أحدثت ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن غالبية القراء لم يقتنعوا بالرواية الجديدة التي تلقي باللوم على “جماعة مؤيدة لأوكرانيا”.
وكان من التعليقات الملفتة حول الحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، تعليقان نموذجيان: “من المعلومات المتاحة، الموالية لأوكرانيا تعادل الولايات المتحدة”، و”هل المجموعة تُسمّى إدارة بايدن؟”.
وفي الإطار ذاته، قال لو شيانغ، الخبير في الدراسات الأمريكية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: “إن الولايات المتحدة واثقة من أنه لا يوجد دليل مباشر يمكن أن يشير إلى أنها هي الجاني”.
وفي تعليقه على المسألة، قال لي هايدونغ، الأستاذ بمعهد العلاقات الدولية بجامعة الشؤون الخارجية الصينية، إن الولايات المتحدة ماهرة للغاية في اللعب القذر، مضيفاً: “إذا كانت الولايات المتحدة وراء التخريب، فإنها بالتأكيد قد خطّطت بعناية لكيفية تدمير أو إخفاء الأدلة لتعقيد الوضع وتضليل الجمهور”. وتوقع أن الحكومة ستحشد المزيد من الوسائل الإعلامية الأمريكية لتفجير قنابل دخان حول هذه القضية للتقليل من تأثير تقرير للصحفي الاستقصائي الأمريكي سيمور هيرش الذي يتهم الحكومة الأمريكية بالتورّط.
ووفقاً للمحلّلين، فإن الولايات المتحدة راضية عن حالة “قطة شرودنغر”، فالدولة لا تتحمّل أي مسؤولية قانونية، لأن الشكوك ليست واضحة بما يكفي لبدء تحقيق في الولايات المتحدة، في حين تعزّز هذه الشكوك صورة الولايات المتحدة عن “الازدراء بالقانون الدولي والعدالة”، وقال هايدونغ إن الحلفاء عبر الأطلسي “سيخشون العواقب” إذا لم يتصرفوا وفقاً لإرادة الولايات المتحدة.
بعد تفجيري أيلول 2022، فتحت ألمانيا والسويد والدنمارك تحقيقات مشتركة في الحادث، الذي جرى الاعتراف على نطاق واسع بأنه تخريب، واشتكت روسيا من منعها من التحقيق ودعت لتشكيل فريق دولي مستقل لإجراء التحقيق.
قال تشانغ جون، المبعوث الصيني لدى الأمم المتحدة، في إحاطة مجلس الأمن الدولي بشأن هذه المسألة، في 21 شباط الماضي: “باعتبارها المنظمة الدولية الأكثر موثوقية وتمثيلاً، يمكن للأمم المتحدة أن تلعب دورا ًنشطاً في إجراء تحقيق دولي وضمان أمن البنية التحتية العابرة للحدود”. وقال محللون إن التحقيق الذي تقوده الأمم المتحدة سيكون النهج الأكثر موثوقية لكشف الحقيقة، لكن في خضم المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، فإن جدواه موضع شك. ووفقاً لـ هايدونغ فإن قضية تفجيرات نورد ستريم ستنتهي على الأرجح دون نتيجة.