الولايات المتحدة وإسرائيل شريكان في معاناة الشعب السوري
ترجمة: سمر سامي السمارة
في السابع من آذار الحالي، نفّذ العدو “الإسرائيلي” عدواناً جوياً استهدف مطار حلب وأدى إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال، وخروج المطار عن الخدمة لفترة مؤقتة.
وفي وقت كان العالم يشهد معاناة السوريين في المناطق المنكوبة في أعقاب الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في السادس من شباط الفائت، سارعت الدول الشقيقة والصديقة لإرسال مساعدات جوية إلى مطار حلب، ومع ذلك استمرت “إسرائيل” باستهداف حلب، الأكثر تضرراً جراء الكارثة الطبيعية في سورية، بشنها غارات جوية على مطار المدينة، في عدوان هو الثاني على مطار حلب خلال ستة أشهر.
في غضون ذلك، قدّم النائب الجمهوري المحافظ، مات غايتس، مشروع قانون في مجلس النواب لسحب جميع القوات الأمريكية المحتلة، المتواجدة بشكل غير شرعي في سورية.
وفي معرض دفاعه عن التشريع الذي قدّمه، قال غايتس: “لم يصرّح الكونغرس مطلقاً باستخدام القوة العسكرية في سورية”، مضيفاً “أن الولايات المتحدة حالياً ليست في حالة حرب مع سورية أو ضدها، فلماذا نقوم بعمليات عسكرية خطيرة هناك؟”.
وفي انتهاك صارخ لسيادة ووحدة الأراضي السورية، قام رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، في 4 آذار، بزيارة غير شرعية إلى قاعدة عسكرية في شمال شرق سورية، حيث التقى بقوات الاحتلال الأمريكي، وقال إن “التواجد العسكري لواشنطن هناك مهمّ لأمن الولايات المتحدة وحلفائها”.
في الواقع، أصبحت هذه الادّعاءات سخيفة للغاية، فقوات الاحتلال الأمريكي موجودة هناك لأغراض محدّدة تتمثل في حماية ودعم الميليشيات العميلة الانفصالية في المناطق التي تحتلها، فضلاً عن سرقة الثروات السورية بما في ذلك النفط والقمح. كما تعمل القوات الأمريكية المتمركزة في التنف، على الطريق السريع بين بغداد ودمشق، على منع نقل البضائع بالشاحنات من العراق إلى سورية.
وفي معرض ردّه على زيارة ميلي غير الشرعية إلى شمال شرق سورية، قال غايتس: “ليس لدى أمريكا مصلحة واضحة للاستمرار بتمويل معركة تتحوّل فيها التحالفات بشكل أسرع من رمال الصحراء.. إذا كان الجنرال ميلي يريد هذه الحرب، فعليه أن يشرح ما الذي نقاتل من أجله”.
يسعى غايتس والمشرّعون والناشطون إلى إعادة قرار الحرب إلى الكونغرس، فبحسب، المادة الأولى، القسم 8، من الدستور، فإن الكونغرس وحده هو من يستطيع إعلان الحرب، وفي هذا السياق لا بدّ لنا من الإشارة، إلى أنه كان من الممكن لهذا القرار أن يُخرج القوات الأمريكية من سورية، لكن لم يتمّ تمريره.
وفي 7 آذار الجاري، كتب غايتس في تغريدة له: “لقد أوصلنا أوباما إلى حرب في سورية، واليوم تقوم الدولة العميقة بكل شيء لإبقائنا في سورية. قرار قوى الحرب الخاص بي يضع أمريكا في المرتبة الأولى، ويعيد قواتنا إلى الوطن”!.
من المؤكد أن زيارة ميلي للمناطق المحتلة شمال شرق سورية، توضح سياسة بايدن تجاه سورية، وقد أصبح من الواضح أن بايدن مصمّم على الاستمرار في الإبقاء على بعض الجيوب في سورية، والحفاظ على إدلب كملاذ آمن لتنظيم “القاعدة” الإرهابي، ودعم المجموعات الإرهابية، ومنع إعادة إعمار سورية بعد عقد من الحرب التي قام بها الإرهابيون المتحالفون مع الولايات المتحدة.
تدّعي وسائل الإعلام الغربية أن الولايات المتحدة والميليشيات العميلة المدعومة أمريكياً تقاتل لمنع “داعش” من العودة، لكن وجود أقل من 1000 جندي أمريكي لا يشكل قوة عسكرية فعالة ضد الإرهابيين.
من المؤكد أن الجيش العربي السوري وحلفاءه هم القوى العسكرية الفاعلة، والقادرة على طرد فلول “داعش”، وهذا يثبت أن الاحتلال الأمريكي لا يخدم أي غرض عسكري، بل هو خدعة سياسية بحتة.
في هذا السياق، اعترف وزير الخارجية أنطوني بلينكين في عام 2021 بأن سياسة الولايات المتحدة “تعارض إعادة إعمار سورية”، وأن السياسة لم تتغيّر. وعلى الرغم من أن المباني والمدارس والمستشفيات التي تمّ تدميرها هي ممتلكات مدنية تستحق إعادة بنائها، تستمر الولايات المتحدة بسياسة إطالة معاناة السوريين.
قامت مساعدة بلينكن لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، بجولة في منطقة مسؤوليتها لكنها لم تزر دمشق أبداً، حيث تعتبر إدارة بايدن محافظة إدلب التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” الإرهابية، الحكومة الشرعية الوحيدة في سورية، وأن الجولاني هو القائد المسؤول عن حكومة الإنقاذ هناك.
تتناسى إدارة بايدن أن الجولاني، الذي تصل إليه كل المساعدات الدولية، أمر رجاله بمداهمة مستودعات المساعدات، واحتجز عمال الإغاثة مقابل فدية قدرها 60 ألف دولار، كما وزع المساعدات فقط على مؤيديه وأعوانه، وحرم المدنيين الذين يعارضونه والنساء من برامج المساعدات.
وهنا يُطرح سؤال أخلاقي من إدلب، هو: كيف توازن منظمات الإغاثة الدولية بين الحاجة إلى مساعدة نحو 3 ملايين مدني في إدلب، مع حقيقة أنها تمكّن زعيماً إرهابياً ومقاتليه من احتجاز الاحتياجات الأساسية للمدنيين العزل كرهائن؟!.