ميزانية تهدد السلام العالمي
عائدة أسعد
من أجل منافسة الصين وجعل الولايات المتحدة أقوى عسكرياً، اقترحت إدارة جو بايدن زيادة ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية إلى مستوى قياسي بلغ 842 مليار دولار في السنة المالية 2024، أي بزيادة قدرها 3.2 في المائة عن الميزانية المالية السابقة، وهذا ما يجعلها أكبر ميزانية دفاع في العالم على الإطلاق من حيث القيمة الاسمية.
بينما في المقابل، اقترحت الصين، التي صنّفتها الولايات المتحدة على أنها أكبر منافس لها، ميزانية دفاعية صغيرة نسبياً تبلغ 223 مليار دولار لهذا العام في الدورة السنوية الجارية للمؤتمر الوطني الرابع عشر لنواب الشعب.
إن خطة بايدن الدفاعية، على الرغم من كلّ تفكيره، يمكن أن تصطدم بحاجز رئيسي في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ومن المحتمل جداً أن يعمل الحزبان الديمقراطي والجمهوري المتنافسان معاً لتمرير ميزانية الدفاع لأنها تستهدف الصين والتي هي محور التحدي دائماً.
ويبدو أنه لا يوجد أحد ليذكّر بايدن أن أكثر من 44000 أمريكي قتلوا في أعمال عنف مرتبطة بالأسلحة النارية في عام 2022 وحده، أي ما يقرب من 10 أضعاف عدد الجنود الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في حرب العراق، وقد شهدت الولايات المتحدة بالفعل منذ 7 آذار من هذا العام أكثر من 104 حوادث عنف متعلقة بالأسلحة النارية أودت بحياة أكثر من 6000 شخص.
إن الولايات المتحدة في ظلّ هذه الخلفية، كان من الممكن أن تستخدم مبلغ 842 مليار دولار لحماية حياة المواطنين الأمريكيين بشكل أفضل والحفاظ على السلام العالمي بدلاً من تبديدها على الأسلحة النووية، ومنافسة خيالية مع الصين لا تساعد إلا الصناعة العسكرية الأمريكية على جني أرباح ضخمة.
تجدرُ الإشارة إلى أنه على الرغم من المبالغ الباهظة التي أنفقتها الولايات المتحدة على حربي العراق وأفغانستان، والتي أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص، إلا أنها ما تزال تواصل تقديم المساعدات العسكرية لإبقاء الصراع في أوراسيا على قيد الحياة حتى يتمكن مصنّعو الأسلحة الأمريكيون من تحقيق المزيد والمزيد من الأرباح.
إن الإنفاق الدفاعي الأمريكي لن يفيد أحداً حتى لو ساعد في إضعاف روسيا، بل سيكون على حساب حياة الشعب الأوكراني وأمن أوروبا كلها، ولذلك من الواضح أن ميزانيات الدفاع الأمريكية المرتفعة تشكل بالفعل تهديداً كبيراً للسلام العالمي.