صفعة الاتفاق السعودي الإيراني
علي اليوسف
بعيداً عن سرديات الخلافات، والدخول في تفاصيل الاتفاق السعودي الإيراني، كان أكثر المتأزمين هو الكيان الصهيوني الذي تلقى الصفعة القوية ممن اعتقد أنهم لن يكونوا قادرين على إنجاز هذا الاتفاق، بسبب الفرقة التي غذتها آلة الكيان المحتل لأعوام من أجل بناء تحالف إقليمي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ولا شكّ في أن إعادة إحياء العلاقات بين السعودية وإيران ستكون لها عواقب وخيمة على الكيان الصهيوني ومشروعه، لجهة إفشال إستراتيجيته الهادفة إلى عزل إيران، وبناء “تحالف إقليمي” في مواجهتها، خاصةً وأن الاتفاق سيعزّز فرص التوصل لتفاهمات أخرى بين الجانبين، ولاسيما فيما يتعلق باليمن، وفي مرحلة لاحقة ربما يشكّل الاتفاق بداية إعادة النظر باتفاقات “أبراهام” الذي راهنت حكومة الاحتلال عليها في مواجهة تحديات أخرى وليس فقط إيران.
لذلك، ينعكسُ إعلان تجديد العلاقات بين السعودية وإيران في عدة مؤشرات على الاحتلال، أولها دخول الصين طرفاً بالاتفاق، ما يعني بالضرورة استمرار تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، والذي لطالما كان بمثابة صمام أمان لوجود الكيان المحتل، وجسر عبور لإقامة علاقات مع دول العالم. كما أنه فشل مركّب للمشروع الصهيوني برمته بعد أن أدركت السعودية يقيناً أن التهديدات الصهيونية بتوجيه ضربة لإيران منذ سنوات طويلة لا تستهدف إلا تعزيز الفرقة بين دول المنطقة وجوارها الإقليمي. أما الفشل السياسي فقد جاء من فشل “إسرائيل” في إقناع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بعرقلة هذا الاتفاق، وبالتالي فشل حكومات الاحتلال، وليس آخرها حكومة نتنياهو، في وضع السعودية في معسكر المعارضة لإيران، أي ما يمكن اعتباره “صفعة سعودية”.
إن مسار التاريخ لا بدّ أن يعود إلى مسلكه وأهدافه الصحيحة، فالترحيب اليمني والفلسطيني بهذا الاتفاق له مدلولاته على مسارات الحلول التي كان الكيان الصهيوني يقف حجر عثرة في وجهها، وهي بلا شكّ خطوة مهمّة على طريق تعزيز الأمن والتفاهم بين الدول العربية ومحيطها الإقليمي الطبيعي، وتحقيق الاستقرار في المنطقة. وهي، أي هذه الخطوة المهمّة، تصبّ في مصلحة تخفيف حدة التوترات في اليمن وشبه الجزيرة العربية، بل في المنطقة العربية برمتها.