جزر المحيط الهادئ.. جبهة جديدة في المنافسة
عائدة أسعد
أفادت الأنباء أن وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي سيزور جزر سليمان وكيريباتي وجزر كوك في أواخر آذار، وهنا يمكن التذكير بالزيارة التي قام بها المسؤول الياباني الكبير فيجي وبالاو منذ حوالي 10 أشهر، وكشفت عن الأهمية المتزايدة التي توليها اليابان لبلدان جزر المحيط الهادئ، والتي وصفتها وسائل الإعلام اليابانية بأنها جبهة جديدة في منافسة البلاد على النفوذ مع الصين.
ووفقاً لتقرير صحيفة “يوميوري شيمبون” تأتي هذه الزيارات، المتوقع إجراؤها في الفترة من 18 إلى 22 آذار، بعد أن توصّلت الصين إلى توافق شامل حول العديد من القضايا، بما في ذلك الأمن مع جزر سليمان العام الماضي، وبالتالي يعتزم هاياشي تأكيد تعاون الدول الجزرية الثلاث مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة، ويفكر في اقتراح تعاون أمني أيضاً.
إن مفهوم المحيطين الهندي والهادئ الحرّ والمفتوح الذي طرحته اليابان لأول مرة في عام 2016، ينمّ عن عقلية الحرب الباردة، لأنه يصوّر صعود الصين باعتبارها تهديداً للمنطقة يجب مواجهته من قبل تحالف تقوده الولايات المتحدة مع بلدان من ذوي التفكير المماثل، ويمكن القول إن قيام اليابان الآن بكلّ ما في وسعها لاتباع نهج المواجهة هذا ضد الصين في جنوب المحيط الهادئ لا يبشّر بالخير للسلام والاستقرار في المنطقة.
لقد التزمت الصين لعقود من الزمن بالتعاون الوثيق على أساس المساواة والاحترام المتبادل مع دول جزر المحيط الهادئ في مجالات متعدّدة مثل الحدّ من الفقر، وتغيّر المناخ، والوقاية من الكوارث، والتي جلبت فوائد ملموسة لشعوب المنطقة، وتحسين رفاهيتهم بشكل كبير، ومساعدتهم على تحقيق التنمية المستدامة. كما أن النطاق الواسع من الإجماع الذي توصّلت إليه الصين مع جزر سليمان بشأن الأمن وتغيّر المناخ خلال زيارة وزير الخارجية آنذاك وانغ يي إلى الدولة الواقعة في المحيط الهادئ في أيار الماضي قد ضخ تعاوناً جديداً في تعاونهما المربح للجانبين.
ومع ذلك تستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل اليابان بتشويه التزام الصين ببناء مجتمع مصير مشترك مع دول جزر المحيط الهادئ، وخاصة اتفاقية التعاون مع جزر سليمان كمحاولة لتوسيع النطاق السياسي والاقتصادي، وحتى التعزيزات العسكرية في المنطقة، حيث كان هذا هو حجم حملة التشهير التي كشف عنها رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسي داموكانا سوغافاري، في خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي، حيث قال إن بلاده استُهدفت بشكل غير عادل من خلال وابل من الانتقادات غير المبرّرة، وغير الصحيحة، والمعلومات المضللة والترهيب، وأكد أن جزر سليمان تبنّت سياسة خارجية “أصدقاء للجميع”، وأن الدولة لا تريد الانحياز لأي طرف في أي منافسة جيوسياسية على مجال النفوذ.
إن أكثر ما تحتاج إليه دول جزر المحيط الهادئ هو الأموال والتكنولوجيا والخبرة لمساعدتها على بناء بنية تحتية أفضل، والتعامل مع أزمة تغيّر المناخ، وليس المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى، وعلى هاياشي أن يضع ذلك في الاعتبار خلال رحلته القادمة إلى البلدان الثلاثة.