هرتسوغ: مَن يستبعد الحرب الأهلية في “إسرائيل” فهو لا يفهم
الأرض المحتلة – تقارير:
“أسوأ الكوابيس”.. بهذه الكلمات وصف رئيس كيان الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الكراهية التي شاهدها بين الائتلاف المتطرّف الحاكم ومعارضيه، بينما لم تشفع تحذيراته من قرب وقوع الحرب الأهلية داخل كيانه، في تمرير مقترحه لخطة معدّلة “للتعديلات القضائية” التي يسعى ائتلاف المتطرّفين برئاسة بنيامين نتنياهو إلى إقرارها لحماية الأخير ووزراء الائتلاف من قضايا الفساد والإرهاب التي تلاحقهم، وهو ما ترفضه المعارضة وأدّى إلى اشتعال احتجاجاتٍ ضخمة ضدّ نتنياهو وإطلاق تهديدات ضدّه وصلت حدّ المطالبة باغتياله.
وفي كلمة عرض خلالها مقترحه، ليل الأربعاء، اعتبر هرتسوغ، أن من يظن أن “الحرب الأهلية هي حدّ لن نصل إليه، فهو لا يفهم”، مضيفاً: “الأسابيع القليلة الماضية مزّقتنا، وأضرّت بالاقتصاد والأمن والمجتمع والعلاقات السياسية لـ(إسرائيل)، والأهم: بالتماسك (الإسرائيلي)”.
وأردف: “سمعت خطاباً مروّعاً، كراهية مروّعة حقيقية، الناس على الجانبين، لم يعُد الدم في الشوارع يصدمهم”.
وتابع: “سأستخدم تعبيراً لم أستخدمه حتى الآن، وهو أنه لا يوجد (إسرائيلي) لا يشعر بالرعب منه: مَن يعتقد أن حرباً أهلية حقيقية هي حدّ لن نصل إليه، فهو لا يفهم”.
من جانبه، رفض نتنياهو تسوية هرتسوغ، وعقّب على ذلك قائلاً: “إنّ “الأمور التي عرضها الرئيس لم يتفق عليها ممثلو الائتلاف، إذ إنّ الأجزاء الرئيسية من المخطط الذي قدّمه تُديم الوضع القائم فقط، ولا تحقق التوازن المطلوب بين السلطات”.
في الأثناء، قال رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت: إنّ حكومة (إسرائيل) هي عدو (إسرائيل).
وفي مقابلةٍ مع موقع “vox” أضاف أولمرت: إنّ هذه اللحظة تختلف عن الأزمات السياسية السابقة التي واجهها كيان الاحتلال.
وطلب أولمرت من كل رؤساء الحكومات في العالم، وخصوصاً الحليفة لكيان الاحتلال، “مقاطعة نتنياهو وازدراءه”.
بدوره، أكّد وزير الأمن السابق بيني غانتس، أنّ التعديلات القضائية هي تهديد خطر يأتي من داخل كيان الاحتلال، مشدّداً على أنّ “جهات متطرّفة تسيطر على الحكومة”.
وفي سياقٍ متصل، تحدّثت مجلة “إيكونوميست” البريطانية، في تقرير عن الوضع في كيان الاحتلال، عن الدلالات العميقة للاحتجاجات، معتبرةً أنّ “انتشار التظاهرات إلى المدينة التي يسكن فيها نتنياهو، يظهر مدى انتشار الاستياء من حكومة الاحتلال”.
وردّاً على سؤال للإيكونوميست بشأن الحلّ المرتقب للأزمة، يقول أحد مساعدي نتنياهو: “إنّه (نتنياهو) محاصر”، وهو يدرك الآن الضرّر الذي يلحق بمجتمع الاحتلال والاقتصاد، لكنّ “ائتلافه الأصولي لن يسمح له بالعودة إلى الخلف”.
ومع اندفاع تحالف نتنياهو إلى الأمام عبر تشريعات جديدة، واكتساب الاحتجاجات في مقابلها زخماً أكبر، تلوح الفوضى، بينما يحذّر الاقتصاديون في كيان الاحتلال وخارجه من “إلحاق ضرر طويل الأجل بثقة المستثمرين”.
وأشارت الـ”إيكونوميست”، إلى أنّ نتنياهو ورئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، غارقان في تبني السردية التاريخية التي تقول: إنّ تدمير الهيكل الثاني في القدس قبل ألفي عام، حصل بسبب القتال بين اليهود أنفسهم، وليس بسبب أعداء خارجيين.
لكنها، لفتت إلى أنّه مع ذلك، فقد توصّلا إلى استنتاجاتٍ مختلفة، إذ يرى بينيت أوجه تشابه مع الأحداث الجارية، ويتخوّف من أنّ “التحالف يؤجّج الانقسامات التي تهدّد وجود كيان الاحتلال بذاته”، بينما “يعتقد نتنياهو أنه فقط من خلال البقاء في السلطة، مهما كان الثمن، يمكنه منع وقوع كارثة في البلاد”.
وختم التقرير، بأنه “مع هذه المخاطر العالية، يبدو أنّ التسوية في الوقت الحالي بعيدة المنال”.
ميدانياً، انطلقت الاحتجاجات ضدّ حكومة نتنياهو منذ ساعات الصباح الباكر اليوم، وقاد جزءاً منها مجموعة من جنود الاحتياط في جيش الاحتلال، بينما قامت مجموعة من “قدامى المحاربين” في سلاح البحرية بإغلاق مدخل ميناء حيفا.
وأفادت وسائل إعلام “إسرائيلية”، بأن شجاراتٍ عنيفة نشبت خلال الاحتجاجات والتظاهرات في مستوطنة “تل أبيب”، بينما استخدمت شرطة الاحتلال غاز الفلفل والغاز المسيل للدموع للفصل بين المتظاهرين والمعارضين لهم، وأُبلغ عن إصابات وحالات اختناق.
ووفقاً للموقع الإلكتروني التابع لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن الشجارات اندلعت بمناطق متفرقة في “تل أبيب” التي شهدت تظاهراتٍ أمام سفارات ألمانيا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وذلك احتجاجاً على استقبال نتنياهو، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وقام المئات من المتظاهرين في “تل أبيب” بإغلاق شبكة طرقات “أيالون” ما تسبّب بأزمة مرورية خانقة، بينما حاولت الشرطة قمعهم ومنعهم من السير والتظاهر على الشارع الذي عملت على فتحه بعد إغلاقه لأكثر من ساعة من المتظاهرين.
ونُظّمت في كيان الاحتلال عشرات التظاهرات والوقفات الاحتجاجية عند الطرقات والمحاور الرئيسة التي تم إغلاقها وعرقلة حركة السير فيها.