إستراتيجية عمل قابلة للتطبيق!
بشير فرزان
لاشك في أن التشاركية بين المواطن والجهات المعنية باتت أكثر ضرورة لإسقاط النوايا الخبيثة التي تستهدف الثقة المتبادلة والعلاقة المتوزانة بين الطرفين. ومن هنا، يمكن اعتبار الترويج المخادع لتبييض صفحة أداء بعض الجهات الحكومية على حساب الواقع هو خطأ فادح يجب إقصاءه من الساحة الإعلامية، وفي الوقت ذاته فإن إنكار كل شيء وتبرئة المواطن من مسؤولياته بالمطلق يشكل استنزافاً لا تحمد عقباه لما هو متاح ضمن سلسلة الإمكانات الوطنية.
والتعاطي مع الأداء الحكومي بما يخص أحوال الناس بإيجابية هو في نظر البعض مغامرة، أو رهان خاسر، وبل يعتبره البعض انقلابا على المصداقية والشفافية، ويصنف ضمن دائرة التملق والمجاملة السلبية التي يدفع المواطن ضريبتها للمؤسسات المختلفة، مثل مؤسسات التجارة الداخلية ومديريات الكهرباء والنفط، و..و.. والتي من المفترض أن تكون – حسب رأي الشارع – أكثر فاعلية ومواكبة للمستجدات وقدرة على القيام بواجباتها ومهامها.
وطبعاً هذا الموقف، الذي لا نملك حق التشكيك بصحته، أصبح أكثر إلحاحاً في حضوره، بالاعتماد على الوقائع والمتغيرات الحاصلة في بعض القطاعات، نظرياً وعبر التصريحات المتكررة، دون أي فاعلية على ارض الوقع، والتي سنعتمدها كشواهد مساعدة لإبراز تلك الايجابية المفقودة تحت أنقاض خيبات الأمل الكثيرة التي عاش الناس في فلكها على مدار السنوات الماضية.
ومثلاً، تحسن الواقع الكهربائي وانعدام فترات التقنين – كما يصرح – يدل على جهود كبيرة بذلت وتبذل لتأمين ديمومة التيار الكهربائي وهو حالة ايجابية تسجل لوزارة الكهرباء التي حافظت على نهجها مع المواطن الذي لم يتعود تطابق أقوالها مع أفعالها، كما يمكن هنا التأكيد على الاستعادة الخلبية لدور وزارة التجارة الداخلية الفاعل، وإمساكها بلجام الأسعار بالحد الممكن، والتدخل الايجابي لمؤسساتها المختلفة، وتحديداً قبل وخلال شهر رمضان المبارك. والحالة الثالثة التي بين أيدينا تتعلق بنجاح وزارة النفط بتأمين المحروقات وتوفيرها للمواطنين على مدار الساعة، وإن كان هناك ملاحظات حيال فترة السماح المتعلقة بالبنزين، والتي تمتد لاكثر من 15 يوماً، أو بالنسبة لتوزيع المازوت المنزلي، إلا أن الحالة العامة مرضية ومقبولة من حيث النتائج وانعكاساتها على حياة الناس، كما يرى المسؤولون في هذه الوزارة الذين يواصلون حملة الاعلان عن وصول الناقلات النفطية تباعاً دون أي انعكاسات إيجابية على سوق المشتقات النفطية، يضاف إلى ذلك العمل المتقن والمتفاني لجهات وزارية أخرى تعمل على تنفيذ خطة رئاسة مجلس الوزراء وتوجهاتها نحو إنعاش الاقتصاد، وتحسين الواقع المعيشي بكل السبل، وعبر استثمار الإمكانات المتوفرة التي يمكن من خلالها تجاوز تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي، والدليل على هذا التفاني ما آلت إليه أحوال الناس الذين يكابدون من اجل كفاف العيش.
ومن المؤكد أن عدم تبني الايجابية، أو السلبية، المطلقة يشكل معبراً آمنا نحو الحلول التي يمكن أن يسلم الجميع من مغبة أحكامها الخاطئة وعواقبها، ولكن ذلك لا يمثل حالة الرضى التي يبحث عنها الأداء الحكومي، خاصة أن هناك من يعتقد ويروج لإنجازات ليست موجودة في حياة الناس، هذا عدا عن تلك الدراسات الماراثونية الدائرة في فلك تحسين الواقع المعيشي، وتحديداً تحسين الدخل والواقع المعيشي، والتي لم ولن تحرز أي تقدم مع استمرار التفكير بإمدادها من ملف التحصيل الضريبي غير العادل، أو دعمها بنسب بسيطة غير مجدية. فالقضية لا تختصر بمفاهيم “مع” أو “ضد” العمل الحكومي، بل بمدى الفاعلية والتجاوب والقدرة على تحقيق الفرق بين “قبل” و”بعد”، أي قرار يهدف إلى ردم الفجوات في حياة المواطن، وما أكثرها. وهنا نركز على أهمية استئصال تلك الآلية القائمة على الوعود المطاطة البعيدة عن أي برامج زمنية للتنفيذ، واستبدالها بنهج وإستراتيجية عمل قابلة للتطبيق وقريبة من متطلبات وآمال الناس.