ثقافةصحيفة البعث

الاحتفاء بالأم السورية والعراقية في المنتدى الثقافي العراقي

ملده شويكاني

شهر آذار الذي وصفه نزار قباني بـ “شهر التحولات والتغييرات” أجمل أشهر السنة، لأنه ارتبط بعطر الأنثى بكل حالاتها، وبكل الأدوار التي تمارسها بالمجتمع، وأهمها الأمومة والعملية التعليمية والتربوية.

واحتفاءً بعيد الأم التي غنّت لها فيروز بصوتها الدافئ “أنت زهر في عطره أضيع”، وتغزل بحبها الشاعر القروي “سقاني حبّها فوق احتياجي/ ففاض على الورى ما فاض مني”، أقامت إدارة المهرجانات والكرنفالات الدولية، بالتعاون مع المنتدى الثقافي العراقي في دمشق، فعالية منوعة، جمعت بين الغناء والموسيقا الآلية والمشهد التمثيلي والفواصل الشعرية، تكريماً للأم السورية والعراقية اللتين واجهتا مصيرهما بمواجهة الإرهاب وارتقاء الشهداء دفاعاً عن الوطن.

ألف ليلة وليلة 

الفعالية بدأت بمشاركة فرقة “ذهب أيلول” لليافعين بقيادة المايسترو عرفان ضاحي، والمؤلفة من الكمانات والغيتار والإيقاعيات والعود والقانون والأكورديون والكيبورد مع الكورال، فعزفت وغنّت بعض الأغنيات الوطنية، منها “موطني” تحية إلى الأم سورية، ثم قدمت الفرقة مجموعة مقطوعات للموسيقا الآلية اعتمد فيها المايسترو ضاحي على خاصية التوزيع الموسيقي، والتناوب بفواصل الصولو بين الآلات والحوارية الصغيرة في مواضع، والمفاجأة كانت بعزف الألحان الصعبة لرائعة كوكب الشرق أم كلثوم “ألف ليلة وليلة”، وتضمنت فاصلاً إيقاعياً، ثم عزفت موسيقا رقصة الجمال لفريد الأطرش، وموسيقا الأغنية الشهيرة “يامو” لدريد لحام، كما أفردت مساحة لوصلة من التراث السوري بغناء الكورال وفق تعدّد الأصوات وتقنية التجويق وتجزيء الكورال، منها “فوق النخل، يا أسمر اللون، حالي حالي حال، ميل يا غزيل” وغيرها.

وتابع زياد قطان بالعزف على العود وغناء ميكس من القدود ومقطع من قصيدة خمرة الحب “إن تجودي فصليني” للأسطورة صباح فخري، بمرافقة جورج مقصود من فرقة “ذهب أيلول” على الطبل الكبير.

الفواصل الشعرية أغنت الأمسية، إذ ألقت الشاعرة رود مرزوق التي قدّمت الحفل قصيدتها “أماه” تغنّت بها بخصال الأم وقدرتها على التغيير بحياة أبنائها نحو الأفضل:

أمي أخجلت أحاسيسي/ بفضائل من درر الجوهر/ قدست لغات قواميسي/ كلماتك بستاني الأخضر/ نغماً أغدقت بإخلاص.

تكريم المعلم 

ولم يقتصر الشعر على دور الأم ومكانتها المقدسة في كل الأديان، إذ أشارت مرزوق إلى تكريم المعلم في عيده، فاستحضرت أبياتاً من قصيدة أحمد شوقي:

“قم للمعلم وفه التبجيلا/ كاد المعلم أن يكون رسولا/ أعلمت أشرف أو أجلّ من الذي/ يبني وينشئ أنفساً وعقولا”.

القدر بالمرصاد 

ومن الموسيقا والشعر إلى التمثيل بعرض مشهد تمثيلي مسرحي قصير يدور بين أربع شخصيات: الأم والخال والابن والأخت (فؤاد نصري، فؤاد سرايجي، بشرى سالم، هبة عبد الهادي) باللهجة الشامية المحكية، وتميّز دور الخال الذي شغل مكانة خاصة في أعمال البيئة الشامية. ويعبّر المشهد بأداء بسيط وبأسلوب يجمع بين الكوميديا والتراجيديا عن عقوق الابن تجاه والدته، وعقوبة القدر التي تقف له بالمرصاد.

صانعة الرجال

وقد سُبقت الفعالية بكلمة المنتدى الثقافي العراقي ألقاها إياد عقاب باسم الأمين العام، حيا فيها الأم السورية والعراقية صانعة الرجال وبانية الأجيال، في عيدها العالمي، وكل من وقفت إلى جانب الرجل في محاربة قوى الجهل والظلام. وقال إن المرأة لا تمثل نصف المجتمع بل كله.

كما ألقى د. هنائي داوود مدير إدارة المهرجانات والكرنفالات الدولية كلمة أشاد فيها بدور الأم السورية التي تساند أسرتها، وتشارك بعملية التنمية، وبعيد المعلم باني الأجيال، وبسورية الأم للجميع.

الخلية الأولى

وعقبت د. منى هيلانة عن أهمية تكريم الأم كونها المسؤولة عن بناء الخلية الأولى (الأسرة)، ومنها ينطلق الفرد إلى المجتمع ليمارس دوره، فمن واجب كل الجهات تكريمها.

الموسيقا الآلية

أما المايسترو عرفان ضاحي فقد أوضح أن فرقة “ذهب أيلول” فرقة موسيقية بالدرجة الأولى منوعة بآلاتها إضافة إلى دورها بالكورال، وأن تميزها يأتي من اهتمامه بالتركيز على الموسيقا الآلية لعزف الطربيات والتراث السوري والعربي، لنقل هذا الثراء الموسيقي إلى الأجيال القادمة، وفي أرشيف الفرقة الكثير من المعزوفات. وسيتمّ التحضير في فصل الصيف لانطلاقة أوسع لفرقة “ذهب أيلول” التي شاركت بفعاليات عدة وفي برامج قناة سما، ويتمّ التدريب في صالات الكنيسة الإنجيلية والسريانية وبمكان تدريسه.

وخلال الأمسية تم كريم الأمهات الحاضرات.