العمق الضوئي للإبداع كمسؤولية وأخلاق
غالية خوجة
ما المتوقع من أن يكون شعار مؤتمر اتحاد الكتّاب العرب “الإبداع مسؤولية وأخلاق”؟.
بديهي أن يشكّل الإبداع منظومة متكاملة مع المسؤولية والأخلاق لتكون هذه المنهجية القدوة في المجتمع، وهذا ما نلمسه بوضوح في كلّ مواطن شريف، ومنهم الكتّاب الذين من المفترض أن يكونوا المرآة الصادقة لهذه المنظومة، خصوصاً، في زمن أصبحت قدوته الشخصيات السلبية السالبة السطحية المغرضة الهادفة إلى تفكيك ما تبقّى من المسؤولية والأخلاق في هذا الزمن الافتراضي والواقعي الذي يضجّ بما هو مضاد لمبادئ وقيم أيّ مجتمع وأية أمّة.
وهذا المضاد يتسلّل بسهولة من كلّ نافذة إلكترونية إلى نوافذ العقول بفئاتها المختلفة لأن الغالبية تفتح أبواب عقولها ونوافذها لتستقبله كمتسلل شرعي، مضيعة عمرها في الاستهلاك والتقليد ومحو الوعي لمصلحة الغرق في الوباء المعاصر.
لكن، ما مدى تأثير الإبداع في حياة المجتمعات الراهنة التي تحتفل في هذه الأيام بالمعلم والشعر والأمّ؟
ما زال اتحاد الكتّاب العرب موقناً بأنه يؤدي رسالته في المجالات كافة ومنها الهوية العربية كانتماء جذريّ، وهذا ما حضر في سورية العروبة التي هبّت الدول العربية إليها بعد كارثة الزلزال، كما هبّت الدول الصديقة مؤكدة على مبدأ الإنسانية وقيمها الشهمة، وهذا الهبوب الإنساني هو إبداع ومسؤولية وأخلاق.
ولعلّ هبوبنا الإبداعي يحتاج إلى وعي مجتمعي متناغم، لأن المرسل والرسالة بحاجة إلى مرسل إليه، يتفهّم أننا لا نطبّع مع الظلام والظلاميين، وأننا حريصون على لغتنا المقدسة، وأن قلبنا واحد وروحنا واحدة ورسالتنا العربية الإنسانية واحدة لكافة المجتمعات والأمم.
ولنكون في هذا العمق الضوئي لا بدّ من أن يكون أعضاء الاتحاد قلباً واحداً، وأن تتفهم الجهات المعنية ضرورة تفرغهم للإبداع والمجتمع، وهذا لن يتمّ إذا لم يكن العضو مرتاحاً معنوياً ومادياً، لذلك لا بدّ من تفريغ الأعضاء المستحقين مع راتب مناسب، ومساعدتهم في الزمن متعدّد الحروب والزلازل في تأمين مسكن لمن لا مسكن له، ومساعدة المتضررين من الحرب والزلزال، وتحريك الأنشطة والفعاليات في المجتمع من خلال إقامتها في الأماكن العامة، والاهتمام المتزايد بالكتّاب الشباب واليافعين من خلال إصدار دورية خاصة بكلّ فئة، والعمل على إطلاق مكتبة إلكترونية ومكتبة صوتية لجميع كتب ودوريات الاتحاد، وإنجاز سلسلة كتب خاصة بالأدباء المعاصرين، واستلام المخطوطات إلكترونياً، إضافة إلى ضرورة عقد الاتفاقيات مع الدول من أجل تبادل الكاتب المقيم، كذلك، ضرورة تمثيل الاتحاد في السفارات والقنصليات الخارجية من خلال عضو مناسب في الملحق الثقافي الخاص بكل سفارة وقنصلية سورية، لأن الحضور الثقافي دبلوماسي أيضاً.
الاجتماعات والمؤتمرات بحاجة لإجراءات تطبيقية كبرهان حقيقي على أننا نتطور بمنهجية مستدامة ونضيف إليها محاور متناسبة مع المتسرعات الحياتية، وهذا ما ينتهجه اتحاد الكتّاب الواعي بضمّ الحياة الإنسانية والاجتماعية إلى أبعاده على كافة الأصعدة، ومنها حضور الاتحاد بمبادراته في أحزاننا وأفراحنا، وسؤاله عنا في الأزمات والكوارث، ومراعاته لأخلاقيات الاختلاف لا الخلاف، وتجذيره للحرية المسؤولة والهوية ليكون فضاء الانتماء في أبهى تجلياته الوطنية والعربية والقومية والإنسانية، وجميعها تدعو إلى حق الشعب العربي السوري في الحياة الكريمة في وطنه الشامخ المطالِب مع شرفاء العرب والعالم كتّاباً وفنانين وعلماء وشعوباً بالدعوة إلى فك الحصار عن سورية ورفع العقوبات الظالمة، وبلا شك، ولأكثر من ذلك، نجد أن اتحاد الكتّاب في سورية حقاً يضيء شعاره بمنهجية تؤكد أن الإبداع مسؤولية وأخلاق.