“ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”..!!
قسيم دحدل
ليس الحديث عن تدهور الوضع المعيشي إنشائياً أو نوعاً من التجني والمبالغة المفرطة والتشاؤم، بل هو الواقع بعينه، ومن يتعامى عنه يكون كمن يؤجل وقوع المحذور من فاقة وشدة حاجة وصولاً للجوع، إذا ما ظل حال الدخل مقابل حال الزيادة المطردة يومياً للأسعار، على هذا المنوال الذي لا ينزل بميزان ولا قبان!.
حال كنا نتوقع فيه شيئاً من “الهدنة السعرية” ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك، واضعين يداً على القلب وأخرى على الجيب مخافة حدوث ما لا طاقة لنا عليه، من قلة حيلة وفقر حال وشدة تفكير وحصره فيما سنصل إليه من مآل، لم يكن ليخطر على بال!!.
كل ذلك، وعلى نقيض المأمول والمرتجى، عمد التجار، إلى زيادات جنونية في الأسعار بين ليلة وضحاها، زيادات وصلت إلى مستويات قياسية لا يمكن تحملها حتى للميسورين نوعاً ما. فأن يرتفع سعر كيلو لحمة الضأن إلى نحو 110 آلاف ليرة، بعد أن كان قبل أيام معدودة أقل من 90 ألفاً، وسعر كيلو السمك من نوع المشط العادي الصغير إلى 40 و45 ألف ليرة، بعد أن كان قبل يوم واحد فقط 35 ألف ليرة. وقيسوا على ذلك بقية أنواع اللحوم التي هجرت موائد العائلات. وما يقال في اللحوم ينطبق على الفواكه والخضار والبقوليات والمعلبات وغير ذلك!!.
ماذا نأكل؟! أو ماذا نطبخ؟! أضحت العبارة الأكثر شيوعاً وتكراراً يومياً على لسان ربات المنزل، لأزواجهن المغلوبين مادياً على أمرهم، وكلّ هذا يحدث على مرأى ومسمع الأبناء والأطفال، فتخيلوا هذا المشهد المُدمي للقلب والمُدمع للعين!!.
والسؤال الذي لم نجد له أية إجابة، من أي معنيٍّ أو مسؤول: كيف يحدث في سويعات أن ينقلب السعر وبهذا الفارق الكبير من آلاف الليرات، حتى لم تسلم منه أبسط السلع؟! هل تغيّرت وزادت التكاليف فجأة؟!، وأية وقاحة تلك التي وصل إليها التجار والباعة بكافة مستوياتهم، حتى لا يهابون ويحترمون القانون والرقابة التموينية؟!.
أسئلة وغيرها مما ظهر وبطن، نوجهها لوزارة “حماية المستهلك”، كي تخبرنا هل أصبح التّجار والصناعيون يقدمون تكاليفهم على أساس ساعيّ أم يوميّ أم أسبوعيّ أو على أساس شهريّ أم نصف سنويّ؟!! وهل تلك الزيادات تخضع فعلاً لدراسة الوزارة، ويجري تحري مصداقيتها وواقعيتها، إذ أي عقل ومنطق حسابي وعقلي لا يمكن أن يبرّر ما يحدث ويقبل بما يحدث من فلتان طائش في التسعير والأسعار، لو لم تكن الأعين مغمضة والأفواه والجيوب منتفخة!!.
فيا سادة الأخلاق والضمير والرفق بالإنسان الفقير، من تجار ورقابة، راعوا حرمة الشهر الفضيل بكل ما تعنيه “حرمته”، وإن كنتم لا تملكون “الحرمة” في خزائنكم، فأنتم أمام اتهامين لا ثالث لهم: إما أنكم لستم رجال أعمال ومال يعرفون أن مصلحتهم ليست بتقليص حجم الأسواق والقدرة الشرائية، أو أنكم تريدون وتسعون لأن يكون للسوريين “خبزهم كفاف يومهم”، فطوبى للذين آمنوا أن “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”، بل وأيضاً بالتقوى والإيمان ومخافة الله!!.
Qassim1965@gmail.com