العمل المناخي لبناء مستقبل مشترك
ترجمة: هناء شروف
تواجه البلدان في جميع أنحاء العالم مشكلات كبيرة معقّدة للغاية، بحيث يتعذر على أي دولة مهما كانت قوتها، حلها بمفردها. لذلك يجب على جميع الدول كبيرها وصغيرها، الاتفاق أولاً على حلّ مشترك، ثم السعي لتحقيقه والمساهمة بشكل جماعي في تحقيق الرخاء المشترك.
إن تغيّر المناخ ليس سوى مشكلة عالمية واحدة من هذا القبيل، والتي تعرقل بشكل خطير الجهود المبذولة لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. لذلك يجب على كل دولة أن تقدم نتائج متفقاً عليها -مثل بلوغ ذروة انبعاثاتها الكربونية وتحقيق حياد الكربون- في غضون فترة زمنية محدّدة من أجل معالجة مشكلة تغيّر المناخ الشائعة.
في مؤتمر الأمم المتحدة الخامس عشر لتغيّر المناخ في كوبنهاغن في عام 2009، وافقت حوالي 120 دولة على بذل الجهود للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين. منذ ذلك الحين، هناك سلسلة من الأهداف التي يتعيّن تحقيقها خلال فترة محددة لتحويل العالم إلى اقتصاد أخضر ومنخفض الكربون.
يتم دعم هذه الأهداف الطموحة من خلال تعزيز البحوث الأساسية بشكل كبير، وتعزيز التقنيات المتطورة الجديدة، ويتم تكثيف البحث والتطوير في التقنيات منخفضة الكربون، وعديمة الكربون، وسلبية الكربون، كما يتم تنفيذ مشاريع كبرى لحماية واستعادة جميع أنواع النظم البيئية، وتحسين جودة الغابات، وحماية واستعادة الأراضي الرطبة، والنظم الإيكولوجية البحرية.
تعمل مؤسسات الدول المختلفة على تطوير خطط كلية لتمكين بلوغ ذروتها في انبعاثات الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060. لكن وكالة الطاقة الدولية تقول إنه إذا كان العالم سيصل إلى صافي الصفر بحلول عام 2050، فسيتعيّن توليد ما يقرب من 90 في المائة من الطاقة باستخدام الموارد المتجددة، والتي يمكن تحقيقها إلى حدّ كبير بسبب جهود البحث والتطوير.
نأخذ الطاقة الشمسية كمثال لإدراك التقدم في مكافحة تغير المناخ، فمنذ حوالي 15 عاماً سيطرت اليابان على هذا القطاع، ولكن خلال العقد الماضي من خلال الاستثمار بكثافة في البحث والتطوير للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أصبحت الصين رائدة عالمياً في هذا المجال. ونظراً لجهود الصين في البحث والتطوير في المقام الأول، انخفضت الأسعار العالمية للتوليد لكل وحدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل كبير. على سبيل المثال، انخفضت تكلفة توليد الكهرباء من خلال الألواح الشمسية بنسبة لا تُصدق بنسبة 80 في المائة.
في عام 2021 استثمرت الصين 381 مليار دولار في قطاع الطاقة النظيفة بزيادة مذهلة قدرها 146 مليار دولار عن إجمالي الاستثمار في أمريكا الشمالية. وتشير التقديرات الحالية إلى أنه من خلال البحث المتسارع ستتمكن الصين من خفض تكلفة توليد الطاقة الشمسية إلى أقل من 0.03 دولار لكل كيلوواط/ ساعة بحلول عام 2060.
إن ديناميكيات مستقبل البشرية لن يحدّدها أي بلد بمفرده بل بتجميع أداء جميع البلدان، وفي التحليل النهائي للبشرية مستقبل مشترك، سوف يزدهر العالم أو يموت، على الرغم من أنه من الأفضل أن يكون هناك عالم مزدهر يتمتع برفاهية اجتماعية واقتصادية دائمة.