مجلة البعث الأسبوعية

برسم رفع سعره قريباً.. تجار زيت الزيتون في بيت الفلاح.. والزيت النباتي المهرب في رفوف المحال

البعث الأسبوعية – ميس بركات

على الرغم من توّسم المواطنون بموسم جني الزيتون كل الخير، إلّا أن السفن لم تجري كما اشتهت موائدهم هذا العام، إذ لم ينخفض سعر اللتر منه حتى عند عصره عن الخمس عشرة ألف ليرة، مواصلاً ارتفاعه مع كل شهر ليصل اليوم إلى مرحلة “التخبأة” من قبل تجار الزيت بانتظار تحليق سعره في الأشهر القادمة بشكل مفاجئ، لاسيّما مع تأكيد أهالي القرى الساحلية مرور سيارات التجار خلال هذا الشهر على منازل الفلاحين وشراء المخزّن لديهم بكميات كبيرة وبسعر لم يتجاوز الـ”300″ ألف للتنكة الواحدة.

استغلال أزمات

ولم يكن مرور التجار في هذا الشهر بمحض الصدفة خاصّة وأن فلاحو القرى خرجوا من برد الشتاء وجوعه “بجيبة مبخوشة” وبكثير من ديون شراء الحطب والمازوت وغيرها من فواتير الشتاء الثقيلة، ليأتي دور مستغلي الأزمات بشراء مخزون الفقراء بأبخس الأسعار وطرحها لاحقاً بأضعاف مضاعفة دون أدنى شعور بالمسؤولية وسط غياب رادع حقيقي يلجم سياسيتهم التي حفظها المواطن غيباً واتجّه إلى حلول ترقيعية لموائده بشراء زيت بلدهم بالقطارة خاصّة وأن الاستعاضة بزيت دوار الشمس لم يرد في قائمة الحلول البديلة كونه هو الآخر خارج نطاق تغطية الراتب الشهري.

زيوت مهربة

ومع اقتراب شهر رمضان بدأت عروض السلع والمواد الغذائية تُطرح في الأسواق بتخفيضات وهمية لا تغن ولا تسمن من جوع، وأتت في قائمة هذه العروض الزيوت النباتية التي لم ينخفض سعر اللتر منها في المحال التجارية العادية عن الـ18-19 ألف، في حين تصدّرت عروض الزيوت النباتية التركية قائمة هذه العروض في المحال وعلى صفحات التواصل الاجتماعي ببيع عبوات تحوي خمسة لتربسعرتراوح بين الـ 75-80 ألف ليرة، على عين حماية المستهلك ودورياتها المكثّفة –على ذمتها- هذه الأيام، وعلى الرغم من غياب الرقابة على دخول الكثير من السلع المهربّة واصطفافها في رفوف المحال في وضح النهار إلّا أن ذلك كان يصبّ في مصلحة المواطن كون السعر الرخيص هو هدفه المنشود بغض النظر عن مصدر السلع، خاصّة مع خذلان الجهات المعنية بحماية سلعه له وعدم قدرتها على توفير السلع الغذائية بأسعار مقبولة، ليأتي الحل بقرار السماح باستيراد مادة بذور دوارالشمس بهدف العصر لكل المنشآت الصناعية القائمة، لاسيّما وأن الكميات المنتجة محلياً من بذور دوار الشمس قليلة وغيركافية لحاجة السوق المحلية بالتالي سيشكل هذا القرار قيمة مضافة من ناحية حجم الإنتاج.

غياب الرؤية

وفي انتظار صدور قرار آخر يصب في مصلحة زراعتنا المحلية من الزيتون وإنتاجنا الوفير من زيته البعيد عن موائد السوريين منذ سنوات كان لخبراء التنمية رأيهم في قرار استيراد بذور دوار الشمس من جهة وشراء التجار لكميات زيت الزيتون وتخزينه لرفع سعره لاحقاً من جهة أخرى، ليؤكد الخبير التنموي أكرم عفيف أن قرار استيراد بذور عباد الشمس لا يختلف عن قرار استيراد أي منتج زراعي محلي، فنتيجة خسائر فلاحي هذه الزراعة وبيع البذور بسعر قليل أحجموا عن زراعته لنصل اليوم إلى استيراده مثلما وصلنا إليه باستيراد البصل الذي باعه الفلاح بـ300 ليرة سورية في حين وصل سعره إلى 15 ألف ليرة ومن ثم كان الحل باستيراده وتوزيعه على البطاقة الذكية، وهذا يؤكد ما يتحدث عنه خبراء الزراعة بعدم امتلاكنا سياسة زراعية صحيحة.

أما فيما إذا كان استيراد البذور سيخفض سعر الزيت النباتي أكد عفيف أن هذا الأمر يعود إلى المستورد الذي يحدد دوماً السعر المناسب له، مشيراً إلى أن أحد أسباب ارتفاع سعر زيت الزيتون هو منافسته  لسعر الزيت المهدرج، إذ تجاوز اليوم سعر تنكة زيت الزيتون  الـ400 ألف أي بما يعادل 20 ألف للتر الواحد وهو سعر عادي مقارنة بسعر الزيت النباتي، وألقى الخبير التنموي اللوم الأكبر على مؤسسة التدخل الإيجابي والتي كان من المفترض بها استجرار زيت الزيتون في موسمه من أراضي الفلاحين بسعر لا يتجاوز 230 ألف للتنكة الواحدة، ومن ثم طرحها في صالاتها بسعر 15 ألف لليتر الواحد، لكنّ هذا الحل كان غائباً  كالعادة عن استيرتيجيتها التي حولتها من مؤسسة تدخل إيجابي إلى تاجر يكسر ظهر المنتجين والمستهلكين معاً.

لعبة المضاربة

في المقابل  وجد الخبير الاقتصادي عامر ديب أن قرار السماح باستيراد البذور أتى نتيجة عدم وجود إنتاج كافي من المادة محلياً، لافتاً إلى أن القرار سينعكس إيجاباً على سعر المنتج في حال تم استكماله بمنح تراخيص للمعامل التي تعصر هذه المادة وتعبئها بعبوات متسائلاً فيما إذا كان استيراده سيكون خارج المنصة أم لا، وفيما يتعلق بارتفاع سعر زيت الزيتون حالياً أكد ديب أن سعر هذه المادة دخل بلعبة المضاربة مشيراً إلى أن سعر اللتر منه يجب أن يكون أقل من سعر زيت النباتي ب30%، لافتاً إلى أن الفلاح لا يستفيد من موسمه كما يستفيد التاجر أو المعصرة، فالخلل اليوم يتضح ببحث الجميع عن الربح السريع ببيع السلعة الذي يؤدي حتماً إلى التضخم بباقي السلع، أي أن الربح القليل الذي يحصل عليه الفلاح من منتجه سيخسره حتماً بالتضخم الحاصل بجميع السلع.