الاجتماع الرباعي لوزراء زراعة سورية والأردن والعراق ولبنان: أولوية تحقيق التكامل الزراعي وتعزيز التجارة البينية
دمشق – سانا:
تحت شعار “نحو تحقيق التكامل الاقتصادي الزراعي على المستوى الإقليمي”، انطلقت اليوم فعاليات الاجتماع الرباعي لوزراء الزراعة في سورية والأردن والعراق ولبنان في فندق الداما روز بدمشق.
وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا أشار خلال الافتتاح إلى أن الاجتماع يأتي استجابةً للتحديات، واعترافاً بأهمية التكتل الاقتصادي والتعاون، حيث سيتوج الجهود السابقة بتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي، والتي تعد نقطة بداية نحو مستقبل أفضل للدول المشاركة.
واستعرض قطنا الأضرار التي خلفتها 12 سنة من الحرب الإرهابية على سورية بكل القطاعات، إضافة إلى جائحة كورونا والتغيرات المناخية والحصار على الشعب السوري، وأثره على إمدادات وأسعار الغذاء وتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي وتقويض المسار التنموي الذي كانت تسير فيه قبل هذه الأزمات.
وأكد أن التعاون العربي أصبح ضرورة لاستعادة أمننا الغذائي واستثمار مواردنا وتطوير نظم الزراعة والغذاء والتجارة والتكيف مع تغيرات المناخ، مشيراً إلى ضرورة مراجعة ما يمكن اتخاذه من إجراءات سريعة فيما يتعلق بتعزيز التجارة الزراعية وتطوير الإدارة الزراعية وتحويل نظمها، وزيادة الاستثمارات والاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا، بما يفضي إلى تحقيق التنمية المستدامة القادرة على الصمود في ظل تغيرات المناخ، وتحقيق الأمن الغذائي، وبالتالي النمو الاقتصادي الشامل القائم على التعاون بين الدول الأربع.
وبين وزير الزراعة الأردني المهندس خالد الحنيفات أن العلاقة بين الأشقاء في سورية والعراق ولبنان والأردن هي علاقة اجتماعية ثقافية وتجارية وسياسية وزراعية راسخة وعابرة للأزمنة والحدود، مشيرا إلى أن الأخطار التي تتهددنا واحدة، وهي ناتجة عن التغير المناخي، وما ترتب من تبعات على أزمة كورونا والحرب الأوكرانية، لافتاً إلى أن جميع هذه الأزمات أثرت بشكل مباشر على الأمن الغذائي في بلداننا، وعلى سلسلة الإمداد الزراعية والغذائية، وأدت إلى ارتفاع تكاليف العمليات اللوجستية من نقل وكلف شحن.
وزير الزراعة العراقي المهندس عباس جبر العلياوي أكد في كلمته أن التكامل الزراعي بين بلداننا ضرورة لا مناص منها مع التحديات المتفاقمة للتغيرات المناخية والأزمات المتتالية، والتي أثرت على إمدادات الحبوب وأسعار المواد الغذائية.
وأضاف: “نحن مقبلون على تعزيز التبادل التجاري وتسهيل انسياب السلع الزراعية، ووضع أطر وتفاهمات من أجل تبادل الكفاءات وتطوير التعاون الفني في القطاعات الزراعية والحيوانية، كما أن الأمن الغذائي وتعزيز التكامل بين الدول سيكون له اهتمام وأولوية لتأمين المخزونات والإمدادات الغذائية في ظل الظروف الراهنة”، مؤكداً أن العراق سيكون داعماً للاستثمار الزراعي المشترك وتشجيع الإنتاج المحلي، وأنشأ شركات للتسويق الزراعي والتوجه نحو الزراعات غير التقليدية والتعاون بما يخدم التكامل الزراعي.
وزير الزراعة اللبناني الدكتور عباس الحاج حسن أكد بدوره أن أمننا الغذائي أولوية على كل ما عداه من ملفات، ولأننا نؤمن أننا أمة قادرة على صناعة المستقبل نحن هنا لنضع كل الإمكانيات في سبيل إنجاح هذا الجهد العربي المشترك.
وأردف: إن تعزيز التبادل التجاري وتسهيل انسيابية المنتجات والسلع الزراعية والعمل على تحقيق التكامل هو أولوية، وإن تسهيل وصول المعلومات وتبادلها والخبرات المشتركة هي طموح نصبو إليه، مشيراً إلى أن التغير المناخي والاحتباس الحراري هم يؤرق العالم أجمع، ونحن جزء مركزي من هذا الكوكب وعلينا القيام بدورنا في هذا المجال.
مدير عام المركز العربي لدراسات الأراضي الجافة والقاحلة (أكساد) الدكتور نصر الدين العبيد أكد أن (أكساد) من المنسقين الرئيسيين لهذه الاجتماعات ضمن إطار مهامها بتنسيق الجهود بين كل الدول العربية في المجال الزراعي، مبيناً أن هذا الاجتماع تتويج للاجتماعات السابقة لتوقيع مذكرة تفاهم بين الدول الأربع لتعزيز التبادل التجاري، وانسياب السلع الزراعية، وبناء القدرات والانطلاقة لضم جميع الدول العربية من أجل تحقيق أمننا الغذائي والمائي، وهي ستنعكس في الحد من التغيرات المناخية وتحسين دخل المواطن والفلاح في الدول الأربع، وخاصة بالنسبة لإنتاج المحاصيل الرئيسية.
وفي مداخلة عبر الإنترنت، قال المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والمدير الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا عبد الحكيم الواعر: إن هذه الاجتماعات بدأت تبلور استراتيجية واضحة لهذا الإقليم في التعامل مع تحديات الأمن الغذائي، مبيناً أن ما
تقوم به منظمة الأغذية والزراعة ممثلة بمكتبها الإقليمي محاولة لمساعدة هذا التجمع الرباعي لمعالجة قضية الأمن الغذائي بشكل مستدام، ودعم كل المقترحات والأبحاث والأفكار.
ولفت الواعر إلى أن المكتب الإقليمي للفاو قام بإنشاء شبكة لدعم التجارة البينية يشارك فيها العديد من المختصين من وزارات الزراعة ومن قطاعات التجارة والاستثمار والدعم في الدول العربية كاملة، وسيتم توجيه هذه الشبكة للنظر في مساعدة هذه الدول لتحقيق الأمن الغذائي، إضافة لما تقوم به المنظمة من مساعدة الدول في القضاء على الآفات والأمراض العابرة للحدود.
وفي تصريحات للصحفيين، أكد قطنا أنه لا بد من توحيد الجهود والاتفاقيات الخاصة بأنظمة الحجر الزراعي والحيواني والبيطري، وتبادل الوثائق واللوائح بين الدول الأربع التي تضمن أن تكون هناك إجراءات حجرية موحدة، وتوحيد أسس الاختبار عند تبادل المنتجات الزراعية ومنح الشهادات حتى تضمن كل دولة وصول منتجات سليمة من أي آفات أو أمراض، إضافة إلى ما يتعلق بموضوع الترانزيت والشحن ومشاكل شحن المنتجات للوصول إلى تعزيز التبادل التجاري، وزيادة كميات المنتجات المتبادلة، لافتا إلى أن هذا الاجتماع يشكل نواة لانضمام دول أخرى لتحقيق تكامل اقتصادي عربي.
بدوره قال الحنيفات: إن اللقاء الختامي جاء بعد اجتماعات بغداد وبيروت وعمان، والخروج بمذكرة تفاهم توضح موارد وقدرات كل دولة وكيفية توظيفها لخدمة الشعوب العربية، وخصوصاً في الدول الموقعة على المذكرات، مضيفاً: نأمل من خلال الانفراجات السياسية أن يتسع هذا الإطار لخدمة عدد أكبر من الدول العربية.
من جهته، أكد الحاج حسن أن أي تقارب عربي-عربي سيؤثر إيجاباً على الاقتصاد اللبناني والسوري والأردني والعراقي، مشيراً إلى أن هذا الاجتماع يشكل خطوة أولى يجب أن تتبعها خطوات أخرى، وأن الفكرة الأساسية التي تمحور حولها النقاش هي إلى أي مدى يمكن أن تكون الأولوية في الاستيراد من هذه الدول الأربع، والأولوية في التصدير إلى هذه الدول الأربع، وهذا يساعد كل دولة على حماية منتجها الوطني، ويساعد الدول المنتجة في عملية الاستيراد والتصدير.
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل قال في تصريح للصحفيين: إن اللقاء فرصة للدول الأربع لإيجاد تعاون لتأمين المواد ضمن روزنامة زراعية بما يحقق مصالح كل منها، وهو مسألة مهمة، حيث إن تأمين المنتجات الضرورية من الدول المجاورة هو أقل تكلفة من دول بعيدة وتكاليف الشحن المرتفعة.
رئيس اتحاد الغرف الزراعية السورية محمد كشتو أكد أن هذا التكامل سينعكس على المدى الاستراتيجي والمتوسط، وهو عمل مهم لتعزيز الإنتاج الزراعي في ظل أزمة نقص الغذاء العالمية، وبنجاحه سيتسع ليشمل دولا أخرى للوصول إلى آلية مشتركة لتعزيز الإنتاج وجودة المنتجات وخلق جو من التعاون المشترك بين الدول الأربع مبدئياً.
وكان سبق الاجتماع جلسة حوارية مغلقة لرؤساء الوفود ورؤساء المنظمات والاتحادات لمراجعة النتائج التي تم التوصل إليها في الاجتماعات السابقة، وكيف يمكن للمنظمات أن تزيد من تمويلها من أجل متابعة تنفيذ المشاريع في الدول الأربع.
كما اجتمعت الفرق الفنية لأعضاء الوفود بحضور ممثلي المنظمات، وناقشت في جلسات حوارية أنظمة الحجر الصحي النباتي والبيطري المتبعة في الدول الأربع، وسبل تعزيز التجارة البينية وتجارة الترانزيت لجعل التجارة في خدمة الأمن الغذائي والتغذية، وتعزيز أطر التعاون لمواجهة تحديات المناخ وتدهور الأراضي ولتحسين الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في الدول الأربع.
حضر الاجتماع كل من وزراء التجارة الداخلية وحماية المستهلك والموارد المائية والمالية وأعضاء مجلس الشعب ورئيس هيئة التخطيط الدولي ورؤساء اتحادات محلية وعربية وهيئات ومنظمات.
.. والمهندس عرنوس يؤكد للوزراء أهمية انسياب المنتجات الزراعية بين الدول العربية
إلى ذلك، أكد رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس أهمية تحقيق التكامل الزراعي وتعزيز التعاون والتبادل التجاري، وتسهيل انسياب السلع والمنتجات الزراعية بين الدول العربية في ظل التغيرات المناخية وارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً.
ودعا المهندس عرنوس خلال لقائه اليوم وزراء الزراعة في الأردن والعراق ولبنان، خالد الحنيفات وعباس العلياوي وعباس الحاج حسن إلى العمل لإيجاد صيغ متقدمة من التعاون والتنسيق المشترك لتطوير الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي على المدى الاستراتيجي، مؤكداً أهمية مثل هذه اللقاءات التي تساهم بتمتين العلاقات البينية، وخصوصاً في المجال الزراعي والتجاري، وبما يصب في مصلحة الشعوب العربية الشقيقة.
كذلك شدد المهندس عرنوس على ضرورة الاستفادة من حقيقة التكامل بين الأسواق الزراعية العربية على النحو الذي يعزز الجدوى الاقتصادية والاجتماعية من الاستثمار في هذا القطاع الحيوي بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي العربي، ولا سيما في ضوء حالة عدم الاستقرار التي تشهدها أسواق الغذاء العالمية.
ورحب رئيس مجلس الوزراء بانعقاد الاجتماع الرابع لوزراء الزراعة في كل من الأردن ولبنان والعراق وسورية في دمشق، معرباً عن الدعم الكبير الذي توليه الحكومة السورية لمخرجات هذا الاجتماع مع الحرص على وضعها موضع التنفيذ.
وأكد وزراء الزراعة في كل من الأردن والعراق ولبنان ضرورة اتخاذ كل الإجراءات لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل انسياب السلع، وإعداد قاعدة متينة للتعاون في القطاع الزراعي بما يساهم في تحقيق التكامل والاستقرار بتأمين الاحتياجات من المنتجات الزراعية، إضافة إلى إيجاد مشاريع وشركات مشتركة للاستثمار الزراعي والاستفادة من التجارب في الدول الأربع لتطوير القطاع الزراعي وتأمين مستلزماته.
وجرى خلال اللقاء التأكيد على تعزيز التبادل التجاري والأمن الغذائي وتطوير التعاون الفني والعلمي في القطاعات الزراعية والحيوانية وتحسين الإنتاج الزراعي، إضافة إلى مناقشة آليات تطوير الزراعة وتنفيذ مشاريع تنموية ومواجهة التغيرات المناخية، وضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة ومعطيات التقانات الحيوية لتطوير العمل والإنتاجية في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، والحد من استنزاف المياه المتوافرة للري واستنباط أصناف زراعية تحقق الريعية الاقتصادية، ومقاومة للظروف المناخية المختلفة.
حضر اللقاء وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا، والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء الدكتور قيس محمد خضر.