وماذا عن “الشارع العربي” ؟؟..
د. مهدي دخل الله
ثلاثون شخصية حزبية عربية التقت في دمشق مع حزب البعث يومي السبت والأحد في لقاء للتعبير عن دعم الحركة الحزبية لسورية. ناقش المؤتمرون القضايا العربية الراهنة ودور الأحزاب في تحريك “الشارع العربي” لدعم هذه القضايا الكبرى وفي مقدمتها سورية وفلسطين.
كان بيان البعث في هذا اللقاء صريحاً في عتابه ، قوياً في وضع النقاط على الحروف. فالأحزاب تشكل الجزء السياسي في المجتمع المدني ، وهي متحررة من القيود الاعتبارية والديبلوماسية التي تكبل يدي المؤسسات الرسمية للدول وتعقد لسانها . لذلك كان لا بد من تعبير المجتمع السوري عن ألمه وعتابه ، بسبب تقاعس الشارع العربي عن دعم القضيتين السورية والفلسطينية.
الشعب السوري لا يعتب على الأنظمة العربية ، فغالبيتها لا حول لها ولا قوة بانتظار التوجيهات من الستيت ديبارتمنت ( الخارجية الامريكية ) . هذا لم يعد اتهاماً بعد أن أكده وزراء الخارجية الأمريكيون أنفسهم في مذكراتهم ، من هنري كيسنجر حتى هيلاري كلينتون مروراً بمادلين أولبرايت ، وغيرهم ..
عتبنا الكبير على الشارع العربي بالذات لأنه لم يردّ لسورية معروفها وتضامنها معه في كل أزماته ومحنه ، بدءاً من الكويت ( 1961 و 1991 ) ، والجزائر ولبنان ومصر ( 1956 ) ، والصومال ( في التسعينيات ) . كانت أبواب سورية مشرعة للعرب من أي قطر كانوا . وهناك الآلاف من المسؤولين العرب والشخصيات العربية المرموقة في مجال السياسة والعلوم درست في جامعة دمشق على حساب دافع الضرائب السوري .. اللهم أنه منّة . نعم يحق لنا ، نحن السوريين ، أن نمنّ على أشقائنا من المحيط إلى الخليج ، بعد أن تركونا نواجه العالم الباغي ، بما فيه عدد من أنظمتهم السياسية ، دون أن يتحرك شارعهم في مظاهرات واحتجاجات حاشدة أمام سفارات الدول المعتدية على سورية . لم نسمع احتجاجات قوية من شارعنا العربي ، في أي دولة عربية في الأعوام الصعبة ( 2012 – 2020 ) تنتقد تجميد مقعدنا في مؤسسة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة ، اسمها جامعة الدول العربية ..
في حزب البعث ، نظمنا قنوات تواصل مع فعاليات شعبية كثيرة في العالم ، من فرنسا وحتى استراليا ، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها . قامت هناك حشود واحتجاجات شعبية ترفع العلم السوري ، وتطالب بوقف العدوان متنوع الأشكال على سورية . لكن الشارع العربي بقي صامتاً .. نائماً ، حتى جاء الزلزال فأيقظه من سباته ، ولو بشكل غير كاف ..
لقاء دمشق المذكور مع الأحزاب العربية كان فرصة ، لعل وعسى ، خاصة أن البعث كان صريحاً في خطابه معهم ، وقد وعدوا بالانتقال – أخيراً – من الكلمة إلى الفعل ، ومن الخطاب إلى الحركة من أـجل سورية وفلسطين ، ومن أجلهم هم أنفسهم ، لأن قضية سورية وفلسطين هي قضية العروبة كلها جملة وتفصيلاً .. وعلينا أن ننظر لنرى !..
mahdidakhlala@gmail.com