في اليوم الوطني لصمود الشعب اليمني… مهرجان جماهيري والرسالة “فلسطين في القلب”
البعث – علي بلال قاسم:
شكلت سنوات الحرب الثماني التي فرضت على الشعب اليمني، وما سجلته المقاومة هناك من فعل الصمود وتغيير المعادلات الاقليمية والدولية مناسبة لأن تحتضن دمشق وعبر منبر دار البعث مهرجاناً جماهيرياً حاشداً يصدح بالدعم والتأييد المشحون بمفاعيل الاعتزاز العروبي بإعلان انتصار ثوار اليمن على العدوان الغاشم في ذكرى “اليوم الوطني للصمود”.
وإذا كانت البنى الأساسية في احتضان فعالية ” فلسطين في قلب اليمن” تقوم على خيار الوقوف في خندق محور المقاومة الواحد، فإن الدعوة التي وجهتها جمعية الأخوة الفلسطينية اليمنية بالتعاون مع مؤسسة القدس الدولية – سورية، واللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة، تعطي دلالات ومعاني كبيرة في هذه الظروف التي أنجز فيها المحور تحولاتٍ استراتيجية كبرى، وفرض انتصاراته على فصول العدوان والإرهاب والحصار، لتتنوع المشاركات بين الدكتور خلف المفتاح مدير مؤسسة القدس، وطلال ناجي الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، والدكتور عبد الله الصبري السفير اليمني بدمشق، والدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية لدعم الشعب الفلسطيني.
ويتكثف الحضور بين ممثلي الفصائل والقوى والأحزاب، وأعضاء السلك الدبلوماسي وأعضاء مجلس الشعب وضباط من الجيش العربي السوري وجيش التحرير الفلسطيني ورجال دين، مع حضور وزير الثروة السمكية اليمنية محمد الزبيري، وشخصيات يمنية وفلسطينية وسورية ولبنانية.
واستهل المهرجان بعرض فيلم وثائقي بعنوان “فلسطين في قلب اليمن” تناول العشق اليمني لقضية فلسطين القديم بقدم أوجاع فلسطين التي تجرح صنعاء، وبمصير مشترك تضمن الفيلم الموقف من القضية المركزية الذي بقي صامداً ولا يخلو خطاب يمني من القضية الفلسطينية عبر شهادات لخبراء ومختصين ومحللين وشخصيات يمنية ولبنانية وفلسطينية، تحدثت عن نصرة الشعب اليمني لفلسطين، ولم يغفل العرض تضامن القيادة اليمنية بكل ما تملك من قوة وعزيمة رغم الحرب والحصار مع فلسطين في محنتها عبر تقاسم لقمة الخبز بين الشعبين، كما تناول الفيلم استعراضاً للقوة الميدانية التي أظهرتها المقاومة اليمنية ضدّ العدوان واستعدادها لمواجهة الأعداء في فلسطين المحتلة.
فرصة إشهار..
استثمر خالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، فرصة المهرجان لإعلان إشهار جمعية “الأخوة الفلسطينية اليمنية” عندما تلا بيان الجمعية التي أشار فيها إلى أن الهيئة جاءت انطلاقاُ من الجذور التاريخية والروابط بين الشعبين اليمني والفلسطيني، اللذان تجمعهما القضايا المشتركة على أساس المبادئ، وإبراز الدور والمواقف اليمنية تجاه الشعب الفلسطيني الذي يستمر بدعم مقاومته.
وأضاف عبد المجيد الذي يرأس الجمعية: إن الأخيرة جاءت بمبادرة من فصائل المقاومة وعقدت الهيئة التأسيسية في 21/3/2023 في بيت اليمن، وتمت تسمية رئيس وأعضاء المكتب في سبيل تحقيق أهداف الجمعية في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، والتواصل مع الهيئات والجمعيات والهيئات الرسمية والشعبية لتشكيل أطر تشاركية بما يخدم أهداف الشعبين.
منظومة وطنية عروبية..
وقدّم الدكتور خلف المفتاح، عرضاً لجبهات وميادين النضال الذي أثبتته دول وأحزاب وفصائل مقاومة في محور المقاومة عبر المواجهة، بفضل الحلفاء الإقليميون والدوليون، حيث شكّلت دمشق منبراً وميداناً للمشروع العربي المقاوم، وفي إطار التحشيد باتجاه الفعل المقاوم وفي الذكرى الثامنة للحرب على اليمن الذي رفع شعار فلسطين استذكر المفتاح النتائج الكارثية لما سمي بـ”الربيع العربي”، في زمن كان المطلوب إسكات كل صوت قومي يقف في خندق الصراع بالبعد العربي والإسلامي، حيث فلسطين هي الجغرافي.
كذلك تطرّق لثورة اليمن 1962، ليقدم قراءة للتصدي للمشروع الأمريكي الصهيوني الذي يستهدف إسقاط منظومة وطنية عبر محاولة تفتيت الدول العربية، وضرب العقد الاجتماعي، وإسقاط فكرة الدولة، ليفشل المشروع في سورية والدول التي تسير في نهج الضمير الإنساني.
واعتبر المفتاح أن الوعي المبكر لطبيعة المشروع ساهمت في إسقاط المشروع المعادي في اليمن عبر المقاومة في مواجهة العديد من الدول التي تحالفت في العدوان، وكلها بدأت تتكيف مع حالة الفشل ومحاولة تصحيح الأخطاء التي وقعوا فيها، إذ هناك من اعتدى ويحاول إعادة النظر بسياساته، وما جرى من توافق سعودي إيراني يُعدّ أحد أسبابه نضال الشعب اليمني الذي شكّل استنزافاً واضحاً لهذه الدول والقوى، لهذا عبّر المفتاح عن حقيقة الموقف بالتفاؤل بالانتصار والعمل على المشروع الوطني، والوقوف ضدّ التدخلات الخارجية إبان الشعب اليمني والحديث عن حوار وطني داخلي والذي يعد السبيل لاستعادة المنطقة عافيتها بالتوازي مع استثمار حالة الصمود الفلسطيني والسوري في ساحات الحروب الميدانية والاقتصادية وغيرها.
عندما استضعفوا اليمن..
من جانبه تحدث الدكتور عبد الله الصبيري، عن سنوات المقاومة والبأس بوجه العدوان الذي لم يوفر أي نوع من القتل والدمار واستهداف الحرمات ونكران الحقوق، عندما استضعفوا اليمن واعتبروه لقمة سائغة وتكالبوا عليه دون ضمير ليحشدوا كل أنواع الصواريخ والطائرات والمدرعات والبوارج، حيث ارتكبوا المجازر وأهلكوا وأحرقوا، مستهدفين جميع البنى التحتية، في مقابل ما أظهره الشعب اليمني من عطاء وتضحيات بلا حدود وأخلاق نبيلة، فكل ذلك مكن اليمن من كسر الحصار.
ومع التهنئة بإشهار جمعية “الأخوة الفلسطينية اليمنية” أفرد السفير اليمني مساحة من حديثة لعلاقة اليمن بقضية فلسطين، واليقين بسورية ودورها، مطالباً برفع الحصار عن الشعب السوري الذي تجرع مرارة الحرب، واليوم يخرج من زلزال مدمر، وبمناسبة التوصل للتفاهم السعودي الإيراني رحّب السفير بكل جهد عربي أو دولي وإسلامي للتقارب العربي العربي والعربي الإقليمي، حيث ثمة انعكاس على الملف اليمني وملفات أخرى، فلولا صمود اليمن وفشل الحسم العسكري تجاهها لما تحقق التفاهم الذي نأمل أن يعزز حالة التهدئة وخفض التصعيد والمساعدة على التسوية الشاملة.
في مصلحة المحور
وقدّم طلال ناجي قراءة سياسية للأحداث للملف اليمني الذي سجل فيه أبناؤه صمود وتضحيات ومعاناة وشجاعة قيادة استطاعت أن تفرض معادلة وقف إطلاق النار مع المعتدين، وماشهدناه من عودة مطار صنعاء إلى الحركة واضطرارهم لفك الحصار عن ميناء الحديدة، كل ذلك شكّل إشارات انتصارات لأبناء الشعب اليمني، فعبر 8 سنوات من العدوان على أيدي قوىً عاتية على اليمن الذي يمثل مركزاً خطيراً في قلب الوطن العربي من بوابة باب المندب، وهنا عجزوا عن إخضاع اليمن لمخططاتهم.
ووجه ناجي كلامه للشعب اليمني الذي لم يترك مناسبة إلا وعبر خلالها عن موقفه المساند لقضية فلسطين والمقاومة، كما اتخذت القيادة موقفاً معلناً بأن أي مساس بالقدس يعني حرباً اقليمية واليمن جزء منها، وعليه نعتز ونفخر بصمود اليمن ومحور المقاومة الذي فرض معادلات على الأعداء والمؤامرة على محور المقاومة، حيث تمت هزيمتهم في اليمن وسورية ولبنان وإيران بعد أن أفشلت مخططاتهم وفرضت شروطها، والاتفاق سيكون في مصلحة هذا المحور.
وفي سياق تناول مجريات الأحداث في فلسطين الجريحة قال ناجي: إن المعاناة مستمرة مع تعرّض الشعب لهجمة عنصرية من غلاة “اليمين الإسرائيلي” المتطرف في حكومة الكيان الإسرائيلي، حيث حرقوا قرىً وسيارات ومحال، وقتلوا الشعب الفلسطيني الأعزل، ليصل عدد الشهداء خلال أشهر هذا العام إلى 90 شهيداً في الضفة الغربية، وخلال العام الماضي إلى 230 شهيداً، 53 منهم في غزة، متطرقاً إلى موضوع إجتماع شرم الشيخ الذي يريدون من ورائه تزيين الخطايا، ليرتكب العدو في اليوم التالي المجازر في جنين وحواره.
ودعا في الختام إلى توحيد صفوف الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في وجه الصهاينة وما يفعلون.