قبيل قمة الديمقراطية الثانية.. الفوضى والخراب الأمريكي نموذجاً
عناية ناصر
كشف تقرير أصدرته وزارة الخارجية الصينية في الذكرى العشرين للغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق النقاب عن تراجع الديمقراطية الأمريكية، والفوضى التي جلبتها للعالم تحت ستار الديمقراطية المزعومة.
وصف المحللون التقرير، إلى جانب تزايد استياء الدول النامية من الهيمنة الأمريكية، بأنه “صفعة على وجه الولايات المتحدة”، ويكشف الوجه الحقيقي للديمقراطية الأمريكية، وخاصةً عندما تحرص إدارة بايدن على الترويج لرواية “الديمقراطية مقابل الاستبداد” قبل قمة الديمقراطية الثانية التي ستعقد يومي 29 و30 آذار.
يحتوي التقرير، الذي يحمل عنوان “حالة الديمقراطية في الولايات المتحدة لعام 2022” أربعة أجزاء، وهو يقدّم من خلال جمع العديد من الحقائق، والتعليقات الإعلامية وآراء الخبراء، صورة كاملة وحقيقية للديمقراطية الأمريكية على مدار العام، ولا يكشف فقط عن الديمقراطية الأمريكية في حالة فوضى في الداخل، ولكنه يقدّم أيضاً الفوضى والكارثة التي جلبتها الولايات المتحدة من خلال الترويج لديمقراطيتها المزعومة ومحاولة فرضها في جميع أنحاء العالم.
بعد أن تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن مهام منصبه، أصرّ على محاولة استعادة “القيادة” الأمريكية للديمقراطية، وكثف الجهود لتسليح الديمقراطية لقمع الاقتصادات الناشئة الجديدة، وخاصةً الصين. ويعتبر التقرير الذي أصدرته وزارة الخارجية الصينية، وفقاً لـ لو شيانغ، الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، بمثابة إجراء مضاد ضد الحرب السياسية الأمريكية المكثفة.
عقد بايدن في الفترة من 9 إلى 10 كانون الأول 2021، قمة افتراضية من أجل “تجديد الديمقراطية في الداخل ومواجهة الأنظمة الاستبدادية في الخارج”، وهو حدث قوبل بانتقادات محلية وخارجية. وعلى الرغم من كلّ تلك الانتقادات، ستستمر الولايات المتحدة باستضافة القمة الثانية، وهو حدث تمّ انتقاده باعتباره أشبه بجمع “معسكر المصالح”.
وقال لو شيانغ: “إنه بصرف النظر عن سقوط ورقة تين الديمقراطية الأمريكية المتدهورة، فإن هذه التقارير الموضوعية هي أيضاً تذكير لمزيد من البلدان بأن الديمقراطية الأمريكية ليست نموذجاً للعالم، ويجب على كل دولة أن تختار مسارها وطريقها للديمقراطية”.
وكان تقرير وزارة الخارجية الصينية الذي صدر مؤخراً قد بحث بشكل كامل في المشكلات والأزمات المؤسسية التي تواجه الديمقراطية الأمريكية في الداخل، بما في ذلك الاستقطاب السياسي المكثف من خلال الاقتتال الحزبي، والمال السياسي المتفشي، و”حرية التعبير” بالاسم فقط، ونظام قضائي أعمى عن الرأي العام، وتزايد خيبة الأمل بين الأمريكيين.
وأشار التقرير إلى أنه بعد عامين من أعمال الشغب في الكابيتول، في 6 كانون الثاني 2021، لا يزال النظام الديمقراطي الأمريكي يواجه صعوبة في تعلم الدروس وأخذ العبر، حيث استمر العنف السياسي في الانتشار والتدهور، كما يُلاحظ أن الديمقراطية الأمريكية في حالة أسوأ من أي وقت مضى، إذ كشفت أعمال الشغب في الكونغرس عن الخلافات الاجتماعية والانقسامات السياسية والمعلومات الغزيرة المضللة.
وعلى الرغم من أن السياسيين الأمريكيين ما زالوا يزعمون أن بلادهم هي “منارة الديمقراطية للعالم”، إلا أن الشعلة التي يحملها تمثال الحرية قد خفتت مع الكشف عن المزيد من إخفاقات الحكم، كما قال المراقبون.
وتجسّدت الديمقراطية الأمريكية في ضوابطها وتوازناتها وأنظمتها الانتخابية، لكن ونظراً لعدم التوازن الحالي ضمن معسكرات المصالح داخل الولايات المتحدة، قد يؤدي نظام الانتخابات إلى حالة من عدم اليقين الشديد، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الانتخابات منذ عام 2016، والانتخابات الرئاسية لعام 2024. وفي ظلّ حالة عدم اليقين هذه، تميل حكومة الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات مغامرة، ولاسيما في الدبلوماسية، والتي قد تجلب مخاطر لدول أخرى، كما قال لو شيانغ.
إن المواجهات الاجتماعية، والعنصرية المنهجية، واتساع فجوة الثروة، والمخاطر المالية المتزايدة كلها مشكلات تمّ إلحاقها بالأمريكيين، بينما لا يملك السياسيون سوى القليل من الوقت للتعامل مع مخاوفهم الحقيقية، وفقاً للباحث تشو ينغ، من معهد بيز في جامعة ساوث ويست للعلوم السياسية والقانون.
كان هناك سؤال واحد فشل بايدن في مناقشته في قمة الديمقراطية سابقاً، وهو هل الديمقراطية الأمريكية هي الديمقراطية الوحيدة الصالحة؟ حيث لم يتطرق إلى موضوعات تدهور الديمقراطية الأمريكية والنتائج الكارثية التي خلفتها، بما في ذلك الشعبوية والعقوبات أحادية الجانب، وفقاً لـ تشو ينغ.
بدلاً من التفكير في الخلل الوظيفي للديمقراطية الأمريكية، تواصل الولايات المتحدة تصدير القيم الأمريكية إلى دول أخرى. وقال محللون إن توقيت نشر التقرير، في اليوم الذي غزت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها العراق قبل 20 عاماً بدعوى “أسلحة الدمار الشامل”، وتسبّب في العديد من المآسي في المنطقة، يسلّط الضوء على الفوضى والاضطراب اللذين جلبتهما الولايات المتحدة إلى العالم.
إن فرض الولايات المتحدة لديمقراطيتها ليس ديمقراطية حقيقية بل ديمقراطية مهيمنة، فالدم الذي أريق في العراق وسورية والعديد من الدول الأخرى علّم البلدان في جميع أنحاء العالم أن تكون أكثر يقظة عندما تطرق الولايات المتحدة أبوابها وهي تحمل راية الديمقراطية!.