تجار يتحوطون من تذبذب سعر الصرف.. والمغالاة بالأسعار باتت حالة نفسية!
دمشق – محمد العمر
رغم استقرار سعر الصرف مؤخراً، إلا أن أسعار أغلب السلع والمنتجات الغذائية وغير الغذائية في رمضان ارتفعت بشكل غير مسبوق في ظل انعدام القدرة الشرائية وضعف الأجور غير المتناسبة مع التضخم الحاصل أصلاً، ومما يزيد الطين بلّة أن التجار باتوا يسعّرون سلعهم على 8500 ليرة سورية للدولار الواحد، وكأن الاستقرار والهدوء بسعر صرف الدولار يعدّ وهمياً، لسبب أن التاجر بات متحوطاً برفع أسعاره للأيام المقبلة.
تحوطات التاجر
بائع نصف جملة في ريف دمشق أشار إلى أن التّجار والموزعين في دمشق يفرضون عليهم أسعاراً مرتفعة على المنتجات الغذائية، مما يجعل البائعين يقبلون بها خوفاً من الإغلاق وعدم القدرة على الشراء لاحقاً، مضيفاً أن أغلب تجار الجملة يرفعون أسعار بضائعهم لسببين: أولاً ازدياد الطلب على المواد الغذائية بعد الزلزال، وثانياً أن التاجر يتحوط برفع أسعار مواده بما يتوافق مع سعر صرف بقيمة 8500 ليرة للدولار الواحد، خوفاً من التضخم وفقدان المنتجات عنده، بسبب “عوامل خارجة عن الإرادة ومتعلقة بالقرارات الحكومية القاسية في توريد المواد”، على حد قوله.
مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية حسام نصر الله أكد أنه في شهر رمضان المبارك ازداد الطلب على المواد الغذائية، مما جعل الكثير من ضعفاء النفوس يرفعون أسعارها، مشيراً إلى قيام الوزارة بتكثيف الدوريات التموينية في كلّ المديريات على مدار الساعة في مراكز المدن والأسواق الرئيسية، إضافة إلى تشديد الرقابة على تداول الفواتير وضبط الأسعار والتزام الباعة فيها مع مطابقة المواد والسلع للمواصفات المحدّدة، ناهيك عن سحب العينات من المواد المشكوك في مخالفتها.
وبيّن نصر الله أن تحديد السعر لأي سلعة مبنيّ على عمل جماعي وتكاتف جميع المعنيين للخروج بسعر نهائي ينسجم مع التكاليف الحقيقية للمادة والوصول من خلالها إلى سوق سليم لانسياب السلع وتوفيرها للمستهلك، وأوضح أنه يتوجّب على البائع حين لا يأخذ الفاتورة من التاجر أن يقدّم تصريحاً خطياً للذي لم يعطه الفاتورة، لكن هناك من البائعين من يفضّل أخذ مخالفة على أن يقدم تصريحاً خطياً بحق التاجر، مما يعرض البائع للعقوبة الإدارية والإغلاق، داعياً المواطن إلى ضرورة تقديم الشكوى والتعاون مع الجهات الرقابية لضبط الأسواق والكشف عن المخالفين.
الغلاء حالة نفسية
من جهته اعتبر عبد الرزاق حبزة أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق والريف أن المغالاة بالأسعار باتت حالة نفسية لكلّ من التاجر والمنتج والمستورد، إذ أصبح هؤلاء يتحوّطون بسعر مختلف للدولار، وليس بالسعر الحالي على الرغم من استقراره منذ فترة، وهذا التحوط يعلّله التاجر بالتضخم الذي زاد شرخاً هذا العام مقارنة مع العام 2021 حيث وصلت نسبة التضخم به إلى أكثر من 141 بالمئة.
وأشار حبزة إلى أنه نتيجة لهذه الارتفاعات اليومية، أصبحت المحلات تمتنع عن البيع خوفاً من ارتفاعات قادمة، وعدم القدرة على الشراء بأسعار أغلى مما فرض عدة معطيات تتحكّم بالسعر وبنوعية المادة، وحسب قوله هناك 90% من الناس نتيجة هذا الغلاء باتوا يشترون بالغرامات، وبالوقية والوقيتين، حتى الفئات الميسورة تأثرت وأنفقت مدخراتها، مبيناً أن الفجوة بين الفئات الاجتماعية الأقل دخلاً والأكثر دخلاً أصبحت كبيرة جداً بسبب ارتفاع نسبة الفقر، وهذا ما يتمّ لمسه من خلال توجّه الكثير من الناس للجمعيات الخيرية وازدياد الطلب عليها.