عطاءات اليابان تستحق الحذر
هناء شروف
جذبت زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا المفاجئة إلى أوكرانيا، والتي تمّ الإعلان عنها قبل ساعات من ظهوره على متن قطار إلى كييف، اهتماماً أكبر من محطته السابقة وهي زيارته للهند التي استغرقت يومين.
وبهذا يكون كيشيدا أول رئيس وزراء ياباني تطأ قدمه منطقة صراع عسكري منذ الحرب العالمية الثانية، وآخر قائد بمجموعة السبع يزور أوكرانيا.
يبدو كيشيدا عازماً على قيادة بلاده عبر عتبة الصراع العسكري من خلال التصرّف كبيدق للولايات المتحدة، فاليابان ليست فقط مشاركاً نشطاً في استراتيجية واشنطن لـ”المحيطين الهندي والهادئ” وآلية “الرباعي”، وكلتاهما تهدف إلى احتواء الصين، ولكن أيضاً كما تشير “مبادرة المحيطين الهندي والهادئ” الجديدة التي اقترحها كيشيدا في نيودلهي، الدجاجة مستعدة لوضع بيضها المناهض للصين.
ونظراً لأن دستورها يحظر عليها تقديم الأسلحة، فإن المساعدة المالية السخية التي قدمتها اليابان لأوكرانيا جاءت في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، وهي لا تُظهر حماس طوكيو لاتباع خط واشنطن فحسب، بل تشير إلى أن أعضاء مجموعة السبع الآخرين ليسوا أقل التزاماً.
كان من الممكن أن يكون للأجندة الدبلوماسية المكثفة للزعيم الياباني منذ أوائل هذا الشهر -حيث التقى بقادة جمهورية كوريا وألمانيا والهند وأوكرانيا- قيمة عملية إذا كان قد تصرف كوسيط مسؤول للسلام. كان بإمكانه المساهمة في تخفيف التوترات الإقليمية في شرق آسيا، والحفاظ على سلامة سلاسل التوريد العالمية، وتعزيز التضامن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتهدئة الوضع في أوروبا، وبدلاً من ذلك فعل كيشيدا العكس.
وتستفيد حكومة كيشيدا استفادة كاملة من رئاسة اليابان لقمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى للعمل كمشترٍ يروّج للعملاء للحانة الأمريكية المناهضة للصين، ويدعو زعماء كوريا الجنوبية والهند إلى اجتماع النادي الثري. هذه دعوة لا يمكن لسيؤول ونيودلهي أن تقاوماها.
ويمكن أن يُعزى استعداد طوكيو للعمل كنقطة انطلاق لمنظمة حلف شمال الأطلسي لدخول منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أو لتولي زمام المبادرة في تشكيل “الناتو الآسيوي” نيابة عن واشنطن إلى هذه العقلية الراسخة.
من الواضح أن اليابان تهتمّ بقبول الغرب لها أكثر من اهتمامها بمشاعر دول المنطقة ومصالحها. كان جيرانها يعتبرون في الماضي بمثابة نقاط انطلاق للانضمام إلى نادي الغرب ولا يزالون كذلك حتى اليوم. ومع ذلك وبالنظر إلى ما حرضت عليه واشنطن في أوروبا، فإن المدى الذي أبدته حكومة كيشيدا عن استعدادها لتنفيذ عطاءات واشنطن يستحق الحذر من قبل أولئك الذين يسمعون كلماتها واليقظة من بقية المنطقة.