اقتصادصحيفة البعث

الأمل في “الرباعية الزراعية”

قسيم دحدل

اقتصادي تكاملي واستراتيجي كبير، هذا هو التقويم الأوليّ لما خلُص إليه مختصون متابعون للشأن الاقتصادي- الزراعي، بعد توقيع الرباعية العربية مذكرة تفاهم بين سورية والعراق ولبنان والأردن للتعاون الزراعي وتعزيز التبادل التجاري بما يحقق التكامل الزراعي بينها.

تقويم فيه من التفاؤل المبرّر، الأمر الذي يجب أن يبني على الحدث، بحدّ ذاته، الكثير من الآمال. فأن تعود سورية الطبيعية بمفهومها الزراعي، لتكون منطلقاً لاتفاقيات وتفاهمات في التكامل الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، لهو تحوّل بمفعول رجعي، حكمته ولا زالت صيرورة المصير في مواجهة ما يحيق بالأمن الغذائي والمائي في هذه المساحة الواسعة من الشرق العربي.

ولا شك أن اختيار سورية لتكون مكان التقاء الرباعية الزراعية للإعلان عن هذا الحدث، وما نتج عنه وفي هذا التوقيت، هو دلالة بليغة ومهمّة على محوريتها في هذا الشأن وغيره من الشؤون الأخرى، كما هو اعتراف بجدارة سورية الزراعية لتكون سلة غذاء هذه المنطقة على الأقل، وبالتالي صمام أمان لقمتها، حيث كانت وقبل الخريف العربي تطعم نحو 400 مليون نسمة من المحيط إلى الخليج وخارجهما، نظراً لما كانت حققته من أمن غذائي وأنجزته من بحوث علمية وصلت حدّ أن يكون فيها أكبر بنك في العالم للأصول الوراثية لنحو 164 ألف نوع من البذور. وهذا كان من الأسباب الرئيسية في استهدافها وشنّ الحرب عليها، حيث كان البنك من الأهداف الأولى للإرهابيين ومشغليهم.

إذاً العودة لسورية هي العودة للعمل على تصحيح المسار، وبالتالي رجوعها إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، لتكون “إهراءات” الأمن الغذائي في عموم المنطقة، حيث أرقام إنتاجاتها الزراعية والحيوانية لا تزال حاضرة، يشهد عليها احتلالها المراتب الأولى في العديد من المحاصيل الأساسية وغير الأساسية على مستوى العالم.

كذلك العودة لسورية تعني، من جملة ما تعنيه، التسليم بأن دول المنطقة لا يمكنها منفردة، مواجهة التحديات المتفاقمة للتغيرات المناخية والأزمات المتتالية التي أثرت على إمدادات الحبوب وأسعار المواد الغذائية، وعليه فإن حتمية المواجهة مع التحديات القائمة والقادمة تتطلب التعاون والتكامل بأعلى مستوياته وأجدى فعالياته، حيث تشكل سورية واسطة العقد المائي والزراعي لهذه المنطقة.

بناءً عليه، وعلى مستجدات التغيّرات المناخية والسياسية الإقليمية (كقطع مياه نهري الفرات ودجلة من قبل المحتل التركي..)، فالمأمول أن تكون هناك مشروعات حيوية استراتيجية على مستوى المنطقة، ومنها على وجه التحديد مشاريع تحلية مياه البحر، وحصاد المياه، ومشاريع الزراعات الكثيفة والبحوث الزراعية واستصلاح الأراضي وخاصة في المناطق القابلة لذلك، إلى جانب تنمية البادية، ومشاريع تطوير الثروة الحيوانية بأنواعها المختلفة.

مشاريع أمل متعدّدة يمكن أن تُترجم على أرض الواقع إذا ما تمّ التوظيف الأمثل لإمكانيات المنطقة المائية والمالية والطاقوية وبالمحصلة الزراعية، وقبل هذا وذلك ضرورة توفر الإرادة الفعلية للانتقال بالمنطقة من الفاقة إلى الاكتفاء والوفرة..، تحصيناً للسيادة وتأميناً للمستقبل.

Qassim1965@gmail.com