دراساتصحيفة البعث

التوتر يخيم على شبه الجزيرة الكورية

عائدة أسعد

تتصاعد التوترات والمواجهات في شبه الجزيرة الكورية، نتيجة المناورات العسكرية المشتركة التي تجريها الولايات المتحدة وبعض البلدان الأخرى، وهو ما يفسّر سبب إبلاغ سفير الصين لدى الأمم المتحدة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن قلق بلاده بشأن الوضع في شبه الجزيرة، حيث دعا الدول المعنية إلى بذل جهود لإيجاد حلّ سياسي بدلاً من فعل أي شيء قد يؤدي إلى تصعيد التوترات.

وبالعودة إلى عام 2018، اتخذت كوريا الديمقراطية مبادرة إيجابية بالتخلي عن برنامج أسلحتها النووية مقابل الأمن، ومع ذلك فشلت الولايات المتحدة في الردّ بحسن نيّة، وأضاعت فرصة مهمّة لتحقيق نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة.

لقد أجرت الولايات المتحدة، ومختلف الحلفاء منذ بداية هذا العام تدريبات عسكرية مشتركة واسعة النطاق، وغير مسبوقة في شبه الجزيرة، والمناطق المحيطة بها، كما تخطّط واشنطن لتوسيع انتشار الأسلحة الاستراتيجية، وقد أدى أسلوب الردع والضغط هذا إلى ترسيخ شعور جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بانعدام الأمن، مما أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة.

وكما قال سفير الصين لدى الأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة تدعو كوريا الديمقراطية للتخلي عن برنامج أسلحتها النووية تحت راية عدم الانتشار، في وقت تقوم طوال الوقت بعملية نقل أطنان من اليورانيوم المخصّب لأغراض صنع الأسلحة إلى دولة حائزة للأسلحة النووية، وتعتبر تلك حالة صريحة للمعايير المزدوجة!.

إن صفقة الغواصات “أوكوس” التي تعمل بالطاقة النووية والتي وافقت عليها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا تقوّض النظام الدولي لعدم الانتشار، وبالتأكيد ستعمل على تحفيز سباق التسلح وتهدّد السلام والاستقرار الإقليميين، كما أن ازدواجية معايير الولايات المتحدة في مسألة الانتشار النووي لا تساعد المجتمع الدولي على إقناع كوريا الديمقراطية بالتخلي عن برنامجها للأسلحة النووية، وتعزيز إخلاء شبه الجزيرة من الأسلحة النووية.

لقد باتت مصداقية واشنطن في حالة يرثى لها، لأن الوفاء بالتزاماتها بشأن حظر الانتشار النووي بطريقة جادة سيساعدها على إعادة ترسيخ سمعتها في المجتمع الدولي، وبالتالي سيكون من الصعب للغاية إيجاد حل مناسب لقضية شبه الجزيرة الكورية ما لم تأخذ واشنطن بجدية المخاوف الأمنية المشروعة لكوريا الديمقراطية، وتدخل في الحوار والمفاوضات بصدق.