المسرحيون السوريون يحتفلون بيوم المسرح العالمي
محافظات – مراسلو البعث
احتفل المسرحيون في سورية والعالم أمس في جميع أنحاء العالم بيوم المسرح العالمي. وقد اختارت الهيئة الدولية للمسرح الفنانة العربية المصرية سميحة أيوب التي تعتبر سيدة المسرح العربي لكتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح لهذا العام، والتي دعت فيها إلى إخراج الكلمات التي في داخلنا لتوقظ الجوهر المفقود والحر والمحب والمتقبل للآخر ونبدّد صورة الوحشية والعنصرية وأحادية التفكير والتطرف، فالإنسان عاش منذ مئات السنين وسيعيش، فلنخرج من أوحال الحرب والصراعات الدموية وتركها على أبواب المسرح، ولعلّ إنسانيتنا تعود من جديد ونصل إلى قناعة بأننا جميعاً أشقاء في الإنسانية.
وشهدت المحافظات السورية احتفاليات فنية بهذه المناسبة، ففي السويداء (رفعت الديك)، نظم المسرح القومي في السويداء احتفالية على خشبة قصر الثقافة في المدينة احتفالاً بيوم المسرح العالمي، وأدّت مجموعة ممثلات مشهدية تجسيدية لكلمة المسرح العالمي
وفي كلمة ترحيبية لها تحدثت مديرة ثقافة السويداء ليلى أبو فخر عن المسرح أبي الفنون ومتعته الخالدة في عصر التكنولوجيا عبر قدرته على مسّ شغاف القلوب، وتحقيق أثر فكري في الوجدان، مع الإشارة إلى دوره في خلق توازن بين الحداثة والأصالة ومعالجة القضايا الراهنة بجرأة بهدف الإصلاح البناء والدفاع عن الهوية القومية في وجه العولمة والانفتاح على الثقافات.
بدوره مدير المسرح القومي بالسويداء المخرج المسرحي رفعت الهادي أشار لـ”البعث” إلى أنه في هذا اليوم يجتمع كل مسرحيي العالم، وهذا ما يعجز عنه الجميع من سياسيين واقتصاديين ومفكرين، لأن المسرح يعني قبول الآخر بتناقضاته وأفكاره وهو حالة مقايضة بين مختلف الثقافات والأذواق، وتوازن بين الحداثة والأصالة حيث يعيد إنتاج الماضي برؤية معاصرة.
وتحدث الهادي عن التطور الذي شهدته الحركة المسرحية في المحافظة خلال الفترة الماضية وما تحتضنه من كتاب وممثلين ومخرجين، وحرص المسرح القومي بالسويداء على تقديم عروض بشكل دائم لتعزيز وتكريس ثقافة هذا الفن عند الجمهور.
بدوره بيّن نقيب الفنانين في السويداء معن دويعر أنه في يوم المسرح العالمي تتوحد كلمة المسرح، وكان الشرف لكل المسرحيين العرب أن يقع الاختيار هذا العام على الممثلة الكبيرة سميحة أيوب بتاريخها الحافل كي تلقى كلمتها كل خشبات المسرح العالمي وأمام كل المسرحيين العالميين. وبيّن دويعر أن المسرح جزيرة للحرية، فهو يتميز عن باقي الفنون بأنه يخوض تحديت مع كل ولادة جديدة وهو رئة الشعوب تتنفس به وتحيا، وبالتالي علينا أن نعيش سحر المسرح لأنه ينعش حياتنا ويضيء أرواحنا ويصنع مستقبلنا.
وتضمنت الاحتفالية عرضاً مسرحياً بعنوان “الهادي” من إخراج رفعت الهادي، بالإضافة إلى تكريم عدد من الشخصيات التي كانت لها مساهمة فاعلة في إثراء ودعم مسيرة الحركة المسرحية في المحافظة وهم المخرج الممثل يوسف أبو حلا والشاعر والكاتب المسرحي منصور حرب هنيدي والممثلة المسرحية دارين عزام والممثل المسرحي نزيه سراي الدين ورئيس قسم المسرح في مديرية الثقافة المهندس فيصل حاطوم.
وفي حمص (آصف إبراهيم)، مر اليوم العالمي للمسرح باهتاً خاليا من أية احتفالية إلا من محاضرة ألقاها المسرحي تمام العواني في مقر فرع اتحاد الكتاب العرب، استهلها بتوضيح سبب تسمية المسرح “أبي الفنون” والتي تأتي من كونه أكثر الفنون تأثيراً في الناس، فمشاهدة أية مسرحية هي عملية امتحان بين الجمهور والممثلين، وعلى خشبة المسرح يؤدي هؤلاء الممثلون جانباً من التجارب الحياتية الإنسانية ويفسرونها فيخرج المشاهد وقد أضاف إلى نفسه، إلى جانب المتعة، معرفة الحياة سواء كان بشكل سلوك إنساني أو نظرة للكون، أو موقف من الحياة.
وأضاف العواني بأن الفن المسرحي ليس نتاجاً عقلياً واحداً، كما هي الحال في الشعر والرواية أو الموسيقا، وإنما هو مجهود عدد من الفنانين من مختلف الاختصاصات، لكن الأهم في هذه العناصر يحدّد العواني النص حيث لا يمكن أن يقوم العرض من دون حكاية، وما نراه الآن من عروض تحت مسميات ارتجال أو تجريب وغير ذلك ليست عروضاً مسرحية.
واستعرض العواني سيرة أهم من كتب كلمة يوم المسرح العالمي منذ كلمة الكاتب والمخرج والممثل الأمريكي بيتر سيلرز، وحتى اليوم، ولاسيما المسرحيين العرب الثلاثة الذين وقع عليهم الاختيار لكتابتها، وهم فتحية العسال من مصر وهي كاتبة وأديبة مصرية، والمبدع السوري سعد الله ونوس صاحب مسرحيات الأيام المخمورة ومنمنمات تاريخية، ورأس المملوك جابر وغيرها، كما كتبها المسرحي الإماراتي حاكم الشارقة سلطان بن محمد القاسمي، صاحب فكرة مهرجان المسرح العربي، وفكرة يوم المسرح العربي الذي تناوب على كتابة كلمته مسرحيون عرب مبدعون.
وفي الختام أكد العواني أهمية أن نقدم عروضاً مسرحية تلامس المتفرج وتحكي عن قضاياه وآلامه وأحلامه، ونشاهد المسرح الذي نراه في عيون رجالاته الذين مروا والذين سيمرون.
وفي الحسكة (إسماعيل مطر)، قدّم المسرح القومي عرضاً مسرحياً بعنوان “كومبارس” بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، وقد ألقيت كلمة المسرح وهي كلمة للفنانة القديرة سميحة أيوب وألقاها الفنان جميل مطرود وتحدثت من خلالها عن دور المسرح في حياة المجتمعات وتصوير واقعها.
من جهته بيّن المخرج إسماعيل خلف مدير المسرح القومي بأن فكرة “كومبارس” تتمثل في الدور الحقيقي الذي يقوم به ممثلو العمل، والذي عادة ما ينظر إليها على أنها أدوار ثانوية في العروض الفنية والمسرحية، وأنها أدوار مهمشة ولا قيمة لها لكنها في حقيقة الأمر هي من الأدوار الرئيسية في أي فني أو مسرحي.
وأشار خلف إلى أنه في كلّ عام يحتفل المسرح القومي في المحافظة بهذه المناسبة، وأن هناك جمهوراً متابعاً لعمل المسرح القومي في المحافظة، لافتاً إلى أن العمل يعالج عدة شخصيات تمارس دور “الكومبارس” ومنها شخصية العمل الذي تم عرضه اليوم، حيث ترى في نفسها أنها شخصية قادرة على تمثيلها وأنها قادرة على صنع مستقبل فني ومسرحي بامتياز.