باحث اقتصادي لـ “البعث”: تقديرات البنك الدولي لحجم الأضرار في سورية تقلل من حجم الكارثة!؟
دمشق – مادلين جليس
انتقد الأستاذ في كلية الاقتصاد، الدكتور فادي عياش، الأرقام المعلنة من قبل البنك الدولي والتي قدر بموجبها حجم الأضرار والخسائر في سورية جراء الزلزال بما بعادل 5 مليار دولار.
وقال عياش في تصريح خاص لـ “البعث”: إن سورية الرسمية لم تكن حاضرة في مؤتمر المانحين الدوليين الذي عقد قبل أيام، مشيراً إلى أن المقصود بسورية بالنسبة لهم هو “مناطق خارج السيطرة”، الأمر الذي أدى إلى تقدير حجم الأضرار المباشرة وغير المباشرة بهذا الرقم.
وأكد أن البنك الدولي يعتمد على المنظمات الدولية وعلى مصادر غير رسمية، منها موظفون أميون وإعلاميون، وعلى التقارير الإعلامية التي تصدر عنهم، وهي مصادر – كما وصفها – غير مهنية وغير دقيقة، لذلك فالنتائج التي تصدر عنها مسيسة.
وأشار عياش إلى أنه لا يعول كثيراً على المؤسسات المالية الدولية، فهي تعمل بإمرة المهيمنين عليها، كما أنها ذات أجندة سياسية تخدم مصالحهم، لكن أن تقوم منظمة دولية بمكانة وحجم البنك الدولي، بما له من قوة وتأثير هائل على القرار الدولي، بتقدير حجم الأضرار في بلد لم نستطع نحن، القائمين فيه، تقديرها، فهنا يبرز التساؤل: كيف استطاع البنك الدولي تقدير حجم الخسائر بهذا الرقم؟ وما هي الأسس التي اعتمدها في هذا التقييم؟!.
وأشار الباحث إلى أن الرقم بحد ذاته ليس مهماً، لكن المشكلة تكمن في الإعلان عما يشكله هذا الرقم كنسبة للناتج المحلي الإجمالي في سورية. فحسب تقدير البنك الدولي فإن حجم الضرر البالغ 5 مليار دولار يشكل 10% من الناتج المحلي الإجمالي لسورية، وهو ما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي يقارب الـ 50 مليار دولار. ورقم 5 مليار دولار يعطي إيحاء بأن حجم الضرر في سورية قليل، ويكاد لا يذكر. وبالتالي يمكن وصفه بأنه ضرر محدود، وقد تكون إمكانات الدولة بما قدم لها كافية لمواجهة آثار الكارثة، لكن الواقع يقول غير ذلك، فحجم الكارثة أكبر بكثير، فما نعيشه في سورية منذ العام 2011 هو كارثة حقيقية وجاء الزلزال ليفاقم حجمها ويزيد الخسائر والأضرار.
وفي إشارة منه إلى التقصير الحكومي في الإعلان عن الخسائر والأضرار، أشار عياش إلى أنه، حتى الآن، لا تقديرات أكيدة ورسمية سوى الخسائر البشرية وأضرار البناء، سواء ذلك الذي تهدم أو ما يحتاج منه للتدعيم أو للترميم وهذه كما وصفها “أبسط الأضرار”.
وقسّم الباحث الأضرار جراء الزلزال إلى نوعين: أولها أضرار مباشرة تتعلق بالخسائر البشرية والمادية من الأبنية بأنواعها السكنية والتجارية والتعليمية والرسمية، وأضرار البنى التحتية كالطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحي والطاقة، والنوع الثاني هو الأضرار غير المباشرة وهي الأضرار ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي كفقدان فرص العمل والمهن والتعليم والصحة والنقل، يضاف إليها تكاليف إعادة الإعمار والبناء وسبل العيش، مع ما يتخللها من تكاليف الإغاثة والعلاج والتعافي والإسكان المؤقت وترحيل الأنقاض.
وأضاف عياش: بالنظر إلى مدى تأثير كل ذلك على مستوى الناتج المحلي للمناطق المنكوبة وعلى مستوى الناتج المحلي للبلد ككل، وبالتالي على مستوى النمو بالعموم، يمكن أن نفهم تقديرات السيد الرئيس للأضرار والتي تتجاوز 50 مليار دولار، وذلك في رده على سؤال قناة “روسيا اليوم”، حول التمويل المطلوب لإعادة تأهيل المناطق السورية المتضررة من الزلزال، حيث بين سيادته أن “التقديرات للحرب تفوق 400 مليار دولار، وهذا رقم تقريبي، وقد يكون أكبر حيث أن بعض المناطق لا تزال خارج سيطرة الدولة السورية، فيما الرقم المفترض للزلزال 50 مليار دولار، وهو رقم افتراضي أيضا، إذ أن إجراءات التقييم لم تنته بعد”.
يذكر أن البنك الدولي أصدر قبل أيام تقريراً تقييمياً أعلن فيه أن حجم الأضرار في سورية بعد الزلزال وصل إلى 3.7 مليار دولار أميركي، وقدّر الخسائر الاقتصادية بمليار ونصف المليار دولار، بالتالي فإن إجمالي الخسائر يصل إلى 5.2 مليار دولار.