من آثارهم تعرفهم..!
أكسم طلاع
بدأ ربيع العام التشكيلي السوري خريفياً هذا العام، حيث شهدنا افتتاح معرضين احتفاليين: الأول في صالة عشتار للفنون الجميلة في العدوي، والثاني في صالة مصطفى علي في دمشق القديمة، وكان القاسم المشترك هو شيخوخة الفكرة والقائمين عليها، فالمعرض الأول ضمّ أعمال بورتريه لعدد من الفنانين قام برسمها زملاؤهم ومنهم قد رحلوا منذ عقود.
ولا شكّ أن هذه الرسومات الشخصية تحمل خصوصية صانعها كما يحمل البعض منها قيمة فنية خاصة توثيقية وجمالية، وقد حفل التشكيل السوري والعربي والعالمي بمثل هذه اللوحات التي رسم فيها الفنان فناناً آخر أو رسم نفسه مستنطقاً ما رسمه انفعالات وتعابير واضحة يتفق عليها الجميع، وهي بمثابة الملامح النفسية العميقة التي وجدها الفنان في الوجه المرسوم.
إلى هنا لا جديد.. فصفحات التواصل الاجتماعي تعجّ بمثل هذه البورتريهات الساذجة، وسبق أن إحداهن كانت تستعين ببرامج الفوتشوب والطباعة، قدمت عشرات الصور لفنانين سوريين مذيلة بتوقيعها الغريب عن منطق الصورة وعائلة الخطوط والتهشيرات التي رسمتها، تأكيداً على أن هذا الفعل لا يتعدى استغباء المشاهد الذي لم يتردّد في كبس اللايكات المجاملة لهذه الحماقة المحسوبة على الفن التشكيلي؟! وقبل ذلك بسنوات شهدنا معرضاً لأحد فناني الصف الأول رسم شخصيات ثقافية مؤثرة من فنانين وشعراء وكتّاب ومفكرين سوريين، رسمهم بطريقة البطاقات الشخصية العملاقة وقد تجاوزت المترين، لكن مضمونها بقي محدوداً بوظيفتها كتذكار أو بطاقة تعريف أو موتيف بصري عن هذه الشخصية المستهدفة.
وبالعودة إلى المعرض المذكور أولاً في صالة عشتار حالياً، لا يخفى أن هناك كمّاً كبيراً من التشويه في الرسم عُرض مجاوراً لبعض الأعمال المهمّة، ما جعل الأمر مختلطاً ومشوشاً لكنه في النهاية سيسجل في صفحة التشكيل السوري كحدث وكأثر!!
المعرضُ الثاني في صالة مصطفى علي جاء معرضاً تكريمياً للفنان الدكتور إحسان عنتابي، أستاذ الاتصالات البصرية، وقد احتفى به عدد من طلابه الفنانين ومنهم من أصبح أستاذاً جامعياً الآن. المهمّ أن هذه الكوكبة المحبة لأستاذهم والشاكرة له كانت منتقاة بعناية من العلاقات الشخصية التي تربطهم، وقد أثمرت هذا المعرض الذي ضمّ بعض أعمال للمُكرم إلى جانب لوحاتهم في فضاء من المودة والاحتفال بهذه القامة الفنية.
نقف عند هذين المعرضين وما سبق من معارض تشكيلية لنسأل: هل هذه حال الفن التشكيلي السوري الحقيقية؟!.
أكثر من عشر سنوات مرّت على هذا البلد “حرب، تدمير، إرهاب، تشريد، فقر وجوع، حرائق للغابات، زلازل”، ومن جهة ثانية شعب يصرّ على الحياة والنجاة بيوم سعيد في محاولة منه لبناء شيء من الأمل والمستقبل ومقاومة الحصار.. ألا يستحق ذلك من الفنانين التشكيليين الوقوف بجدارة أمام رسالتهم؟! انتبهوا يا أحبة سورية.. سورية أجمل لوحات الأرض.