مع تعدد الأسباب.. معدلات الحاجة تزداد .. والتسول بوابة الآلاف للارتزاق
دمشق – بشير فرزان
في ظل الظروف الراهنة بتنا أمام واقع تشرد خطير لا نحسد عليه أبداً, فاليوم بعد الزلزلال أصبحت ألاف الأسر مشردة بأبنائها في الشوارع والحدائق والجوامع , فلم يعد الأطفال وحدهم معنيون بالتسول بل الأسرة بكاملها ,فهذا أب ضاع كل ماله وآخردمّر بيته فهرب بأولاده طالبا الأمان لكنه لم يجد الاستقرار وزادت معاناته وأعبائه المعيشية وطبعاً أمام هذه القضية في ظل الظروف الحالية لايمكن إلقاء المسؤولية على الجهات المعنية فهي تقدم كل ما بالإمكان لتأمين احتياجات هذه الأسر من أماكن للإقامة وتدفئة وطعام لجعلها كريمة مصانة من كل سوء, ولتخفف من صعوبة ما مرت به هذه العائلات من ضغوطات وهنا تستوقفنا تلك الحقيقة القائلة بان الحرب والحصار والزلزال هي التي تسببت ببؤس الآلاف من العائلات السورية التي باتت خارج إطار الاستقرار والأمان .
في الوقت الراهن أضرارالزلزال ضربت بقوة وأدت إلى تشرد ونزوح عشرات الآلاف ممازاد من معدلات التسول الذي بات أكثر حضوراً في المجتمع رغم الكثير من السلبيات التي يفرزها على حياة الناس يضاف إلى ذلك استثمارها الواقع الحالي من قبل ضعاف النفوس كمهنة وتشغيل الأطفال واسر بكاملها في هذه المهنة خاصة في شهر رمضان فالشخص العادي تحركه مشاعره وعواطفه حين يرى طفلا أو امرأة أو رجلا يطلب حسنة ما , ويدور في خلده أن الله أوجب علينا مساعدة الفقراء والمحتاجين , وأنه بذلك يدفع زكاة بيته وأطفاله , فيبادر إلى إعطاء ما يستطيع لكنه لا يدري حقيقة من استجداه وهل هو ذو حاجة حقيقية أم أنه محتال , وخصوصا أننا سمعنا عن كثير من حالات كان المواطن فيها فريسة الاحتيال تحت ستار التسول والحاجة .ولكن ما هو شعور نفس الشخص وهو يرى أسر بكاملها تطلب الحسنة ؟وما هي المساعدة التي يمكن أن يقدمها في هذه الأوقات الصعبة ؟ولكن وعلى الرغم من كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلد فأبناء شعبنا تجمعهم صفات الاحسان وفعل الخير والتآخي
ولدى سؤال العديد من المواطنين عن هذه الظاهرة فقد أبدوا تعاطفا مع المتسولين في شهررمضان المبارك وخاصة اولئلك الذين يندرجون تحت جناح الكارثة بكل ماسيها وفي مقابل ذلك لم يخف استيائهم من اولئلك الذين يمتهنون التسول ويلحون ويلاحقونهم لمسافات طويلة , حتى يضطروا لإعطائهم أي شيء للتخلص منهم , أو خوفا من أن تنقلب دعوات المتسولين لدعاء حاقد عليه وأسرته وهذا ما حدث فعلا مع المواطن محسن جوهر والذي أصابته الدهشة عندما رفض إعطاء المال لأحد المتسولين فبادله بدعاء السوء عليه وعلى عائلته ويرى العديد من المواطنين أن أغلب المتسولين من الرجال يكونون بحالة جسدية جيدة تسمح لهم بالعمل أيا كان هذا العمل , متسائلين عن الأسباب التي تمنعهم من العمل بدلا من التسول وعلى من تقع المسؤولية بهذا الخصوص؟!
العديد من الآراء والمواقف كانت حصيلة لقاءات عديدة أجرتها “البعث الأسبوعية” حيث أبدى حسام مصطفى تعاطفه مع الكثير من حالات التسول :نحن نقدر بأن هناك من جار عليهم الزمان وقست عليهم الحياة بجميع ظروفها وخاصة من الذين كانوا ضحايا الزلزال “المنكوبين” ولكن في المقابل الأمر بات لا يطاق ولا يحتمل وأصبح التسول مهنةمن لا مهنة له ،ودائما أتساءل لماذا معظم المتسولين يتنقلون على كرسي مدولب أو بترت أقدامهم ونادرا ما نرى من بترت يده مثلا ؟؟
أما ا زينة لطفي فقد تعجبت ذات مرة لأمر فتاة أنيقة تحمل حقيبة أجمل من حقيبتها اقتربت منها وسألتها المساعدة ببعض المال ،فابتسمت زينة وظنت بأنها تتعرض لموقف من مواقف الكاميرا الخفية .
أما أكثر المواقف طرافة هو لمتسول قابله المواطن زكي محمد الذي لم يكن لديه “صرافة” لإعطاء المتسول فقام المتسول بصرف المبلغ له و اقتطع أجرة الصرف إضافة الى المبلغ الذي حدده زكي لكي يعطيه إياه .
اطفال التسول
ومن جانب آخر ولدى سؤال عدد من الأطفال كانوا يتسولون بالقرب من إشارات المرور وقرب المساجد وفي الحدائق العامة , بعضهم قال : أن ظروفهم قذفت بهم إلى الشوارع للتسول نتيجة الفقر وغياب المعيل في حين أكد الكثير من الأطفال أن ذويهم يرغمونهم على التسول واستجداء عطف الناس , وآخرين قالوا أن والدهم أو أمهم متوفين ولا معيل لهم .أما بعضهم الآخر أجاب وقد ارتسمت ملامح الشقاوة على وجهه :بأنه يفضل هذه المهنة على الذهاب للمدرسة .أما الطفل حسن من منطقة الحيدرية بحلب قال :أنه لم يلجأ إلى التسول من قبل ولكن الآن كل أسرته وبفعل الظروف أصبحت متسوله فهم مهجرينمن بيتهم بحلب بفعل الزلزال ولايعرفون أحدا هنا والسبيل الوحيد لكسب المال هو التسول في هذه الظروف .
معادلة المحتاج
لا شك أن أحوال الناس وظروفهم وقصصهم كثيرة , وهناك الكثيرين ممن قست عليهم الدنيا ,ودفعتهم للتسول بعد أن جربوا كل البدائل , لكن انتشار المحتالين وامتهانهم للتسول جعل المحتاج وغير المحتاج سواء وتبقى هذه الظاهرة أيا تكن الدواعي والأسباب سلبية من كل الجوانب وتتطلب عملا متكاملا , وإيجاد حلول جذرية وناجعة للتخلص منها سعيا نحو مجتمع متقدم متطور خاليا من كل المظاهر السلبية .