جواد أبو حمدان يدخل عالم الرواية عبر “اوكتيفيا”
رفعت الديك
تنطلق رواية “اوكتيفيا” للكاتب جواد أبو حمدان كاشفة الواقع وتفتح أمام القارئ جغرافيا المنفى وغواية البحث ومتاهة الأسئلة وتشرع شرفات المعنى في بحث دائب عن هوية الاختلاف وتلغي كل مركزية خارجها ولكنها لا تتمسك بشكل واحد بل تغدو مع كل تجربة جديدة حالة هلامية وتكسر القانون الثابت وتحيل قارئها إلى عدمية الشكل الثابت لتصبح في النهاية جنساً عابراً للأشكال يعيد تشكيل الحياة بصورة قد تكون أكثر واقعية منها.
وتتعدد الأزمان وتتعاقب ضمن مجموعة من الصراعات التي لا تنتهي صراع الخير والشر وصراع النور والظلام وصراع النفس البشرية في إيجاد ذاتها الضالة حيث وقعت الأميرة “اوكتيفيا” ضحية تلك الصراعات وسعت نحو تحقيق هدفها الأسطوري قبل أن تتقاذفها الشكوك من كل حدب وصوب إلى أن تاهت في المجهول لتترك خلفها إمارة على شفي هاوية من الظلام، ولكن بعد مرور مايقارب العشرين عاماً بزغ نور الأمل من جديد من خلال شاب فلاح بسيط كان له رأي آخر في البحث والتقصي إلى أن عثر على اللغز المفقود وهو اختفاء الأميرة اوكتيفيا والعثور على ارثها العظيم الذي أورثته كترياق حياة.
الرواية والتي جاءت من القطع المتوسط تحمل عبر صفحاتها الكثير من التشويق والغموض والحب والمواقف الإنسانية العظيمة جسدتها شخصيات أبطالها.
يقول أبو حمدان أن الرواية تتلخص بمقولة إن الخلاص الحقيقي لا يأتي إلا بالحب الحقيقي والمحبة الصادقة التي تمحو عصر الظلام حيث تصبح “اوكتيفيا” رمزاً للمحبة و”باتريسيو” رمزاً لسيف الحق الذي يبحث عن الحقيقة الساطعة، و”لوكريسيا” امتداداً لنقاء الإنسان ليبقى العطر الخالد الذي ابتعدته اوكتيفيا السر الذي تبنى حوله أسرار الرواية.
أما الدكتور كريم عبيد مدير دار البلد للنشر فيجد أن أحداث الرواية تتوالى وفق خطاب روائي يعمل على تنشيط الذاكرة السردية لتتكشف عن واقع مأساوي وصراع موتور بين النور والظلام والخير والشر حيث تتداخل الأصوات وتعود الذاكرة تقهراً تبرز صور وحوارات ثم تتخللها تداعيات تكشف الكثير من المشاهد التي تجعلك تعيش المتخيل كما لو كان واقعاً من خلال شخصيات واقعية مثيرة للتساؤل “اوكتيفيا باتريسيو لوكريسيا ماركو بويدا سيد الظل جيوش مملكة الظلام” حتى يظن القارئ أنه يقرأ رواية أسطورية.
ويقول الكاتب رافع أبو سعد أن الخطوات الأولى غالباً ما تكون راجفة متعثرة تبحث عم موطئ قدم لها لكننا هنا نقف أمام خطوات واثقة تمضي بكل شغف وقوة نحو غايتها وصلتها روح متوثبة وإنسانية متوقدة وشغف في الكتابة ينهمر انهمار الغيث على أرض عطشى، وبين أبو سعد أن الرواية تكشف عن رؤية فلسفية عميقة ترى الأشياء من مساقط متعددة ليصبح كل شيء تحت منظار اللغة نسبياً ورجراجاً زئبقياً حتى ثوابت الكبرى في لحظة يأس قاتلة تصبح مثار شك غير أن باب الأمل يضل مفتوحاً ليزرع بذرة في الروح تكبر حتى تغدو شجرة وارثة بحجم وطن وهذا ما فعله جواد أبو حمدان.
يذكر أن جواد أبو حمدان من مواليد السويداء ١٩٨٨ وتعد رواية “اوكتيفيا” هي التجربة الأولى بالنسبة له.