حرب أوكرانيا في خدمة شركات السلاح الأمريكية
تقرير إخباري:
تضخّمت تجارة الأسلحة عالمياً يوماً بعد يوم، وتحوّلت أوكرانيا إلى ثقب أسود يستنزف احتياطيات الدول الغربية من السلاح، الأمر الذي جعل هذا البلد أكبر سوق سوداء للسلاح يستقطب تجار الأسلحة من كل أصقاع العالم، وخاصة أولئك الذين يعملون على تغذية الجماعات الإرهابية المنتشرة في الأماكن الساخنة كالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك لأن الشأن الإنساني لا يعني شيئاً بالنسبة إلى المرتزقة وتجار السلاح.
وبما أن البيت الأبيض سعى جاهداً إلى إذكاء نار الحرب في أوكرانيا، وفرض على أتباعه الغربيين تزويد نظام كييف بمختلف صنوف الأسلحة فإنه يعمل جاهداً على تعزيز هذه السوق السوداء وحمايتها، لأن هذا هو السبيل الوحيد لإخفاء حقيقة صفقات السلاح هذه، فالاستثمار في هذه الحرب هو الأهم وفرصة جيدة لإنعاش سوق السلاح، أما الذين يقفون ضد هذه الحرب من أوروبيين وغيرهم فهم غير مؤثرين بما يراه المستهلكون لهذا المنتج كعامل أساسي لتغيير موازين الحرب وفرصة لانتصارهم، وفي هذه المعادلة الضخمة لا يوجد مكان لمناقشة الضحايا البشرية والدمار الاجتماعي فالقانون هنا لتاجر السلاح فقط.
وعلى لسان تشارلز وودبورن الرئيس التنفيذي لمجموعة BAE المصنّعة للأسلحة يعترف أنه تم تحقيق عام آخر من النتائج القوية بعد سلسلة توريد فعّالة، وأن الشركة واثقة من تحقيق نموّ طويل الأجل وقادرة على مواصلة الاستثمار مع زيادة عائدات المساهمين، في حين توقع المدير المالي لهذه الشركة براد غريف مزيداً من تقدّم المبيعات في العام الجاري وزيادةً في الأرباح، بالإضافة إلى محاولة الشركة وجهدها لزيادة الأهداف، أما مجموعة رايثيون الأميركية فقد اعترفت بالسنة الاستثنائية للمكاسب الكبيرة والتقدّم اللافت في صناعات الأسلحة الذي جاء على خلفية حدّة التحديات التي تواجه حلفاء الولايات المتحدة الأميركية.
اللافت في لعبة السلاح أن الدور الأميركي هو الأقوى والأعظم، حيث ظهر ارتفاع ملحوظ بالدولار الأميركي، فمؤشر “MSCI” زاد بنسبة 30% تقريباً منذ بداية تشرين الأول الماضي، بينما ارتفع مؤشر Stoxx للفضاء والسلاح في أوروبا بما يزيد قليلاً على الثلث خلال الفترة نفسها، ويراهن المستثمرون على الوعود بزيادة الإنفاق العسكري من حكومات الغرب الأطلسي، حيث صدّرت شركات السلاح في الفترة الأخيرة أسلحة بمليارات الدولارات، وحقّقت مكاسب تعكس الاقتناع المتزايد بين المستثمرين بأنّه من غير المرجّح أن ينتهي الصراع بسرعة.
وتشير البيانات إلى أن حصة الولايات المتحدة الأميركية زادت من صادرات الأسلحة العالمية من 33% إلى 40%، وعملية بيع وشراء الأسلحة الأوروبية ارتفعت بشكل حاد في العام الماضي، إضافةً إلى أن واردات الدول الأوروبية من الأسلحة الرئيسية ارتفعت بنسبة 47% منذ عام 2013، كما زادت الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “ناتو” وارداتها من الأسلحة بنسبة 65% سعياً لتحصين ترساناتها في وجه روسيا.
وقد أصبحت أوكرانيا ثالث أكبر مستورد للأسلحة الرئيسية في عام 2022، نتيجة للمساعدات العسكرية التي قدّمتها الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية منذ شباط من العام نفسه.
وبعيداً عن تقارير بيع السلاح، فإن كبريات شركات الدفاع الأميركية أبلغت عن قفزاتٍ قياسية في العقود الجديدة في الأسبوع الأخير من كانون الثاني، مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وسجّلت زيادة هائلة في الطلب على الأسلحة، حيث صرّح الرئيس التنفيذي لشركة “لوكهيد مارتن” بأن عقود الأسلحة المتراكمة لشركته نمت إلى 150 مليار دولار من 135 مليار دولار في عام 2021، وهي قفزة “كانت مدفوعة بطلبات قياسية على الإطلاق”.
بالنهاية، لا يخفى على أحد حجم الأرباح التي تجنيها شركات الأسلحة وخاصة الأمريكية منها، من الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا، فضلاً عن صفقات الفساد التي تستفيد منها الإدارة الأمريكية مباشرة تحت عنوان تزويد أوكرانيا بالسلاح أو إرسال دعم مادي لها، وذلك أن المبالغ الطائلة التي يتم إرسالها إلى كييف، تمرّ عبر عمليات معقّدة من السرقة قبل وصولها إلى المستفيد النهائي، وهو الجيش الأوكراني، الذي لا يصله منها إلا الربع تقريباً، بينما تذهب بقية الأموال إلى حسابات أخرى مرتبطة بالنظامين الأمريكي والأوكراني.
ميادة حسن