ضبط مصنع..!
غسان فطوم
لا تزال العديد من المؤسّسات الحكومية تعاني من الترهل في الأداء، ما جعلها عاجزة عن القيام بدورها ووظيفتها، والواضح أن هناك تباطؤاً وترهلاً، وبيئات العمل لا زالت تفتقر لمقومات الإبداع والتميّز، لذا لا عجب في ظلّ هكذا واقع أن نعاني من فوضى إدارية، والأخطر أن تصبح بعض المؤسّسات بيئات طاردة للكفاءات، طالما 80% من وقت العمل اليومي مخصّص لإنجاز الأعمال الروتينية، بينما أنشطة التطوير والتحديث والابتكار هي في آخر الاهتمامات!.
ولا شك أن هذا مخالف لأسس ومعايير الإصلاح الإداري المنشود الذي نسعى إليه ونريده، والتي تتمثل في تحسين الأداء وإنهاء حالة الترهل ومحاربة الفساد بشقيه الإداري والمالي، وهذه الأهداف لا يمكن أن تتحقق من دون إرساء هيكلية إدارية حديثة ورشيقة قائمة على الكفاءة والثقة، وإنهاء المحسوبيات، فالسوريون يريدون أن يوضع في أولوية الاهتمامات حسن اختيار القيادات الإدارية التي تعكس حالة النضج الكامل أو المثالي بما تمتلكه من خبرات لإحداث القيمة المضافة في العمل تحت شعار “الابتكار والجودة في الإنتاج”، وغير ذلك يبقى مجرد كلام لا يساوي قيمة الحبر الذي كُتب به!.
نعتقد أنه آن الأوان لنتجاوز “الحكي” النظري والبدء بالعمل الجديّ لتفعيل فكر الإصلاح الحقيقي، وما نشهده اليوم من “إصدار هياكل وظيفية للوزارات متضمنة الملاك العددي، وتحديد الوظائف النوعية وإلغاء أسماء الوظائف القديمة وتحديثها وتشكيل فرق عمل لإعداد دليل نموذجي للنظام الداخلي وللهياكل الوظيفية ومراجعة الفئات الوظيفية لتتواءم مع سوق العمل”، وذلك وفق ما أكدت عليه إحدى توصيات مؤتمر الإصلاح الإداري، يبقى إجراءات غير كافية رغم ضرورتها، فنحن نحتاج لنهج من طراز القرن الـ 21، ولو تطلب الأمر إعادة “ضبط مصنع” لكل الإدارات في كلّ المجالات، بمعنى إعادة هيكلة وترشيق المؤسّسات، فالتطور مطلوب لمواكبة المتغيرات بما يحقق الأهداف ويساعد في التخلص من السياسات القديمة والسلوكيات النمطية المعطلة للتطور والتحديث والتي تجعلنا نراوح في المكان!