ثقافةصحيفة البعث

ربيع جان: “عاصي الزّند” شخصية غنية ونقلة نوعية

نجوى صليبه 

حقّق ربيع جان حضوراً مميزاً في مسلسل “الزّند” على الرّغم من مشاهده القليلة التي أعلنت عن بداية أحداثه، وفيه يؤدّي شخصية “عاصي” في مرحلة اليفاعة، بينما يؤدّيها تيم حسن في مرحلة الشّباب.

حضور مميز من حيث الشّكل والأداء، فمن حيث الشّكل كبر طفل المسرح والسّينما والدّراما أيضاً، وأصبح شاباً، أمّا من حيث الأداء فقد كان الجهد والتّعب والاحتراف واضحاً، كذلك الاشتغال على شخصية لم يسبق للممثّل الشّاب أن قدّم شخصيةً مماثلة لها أو قريبةً منها، ولاسيّما من ناحية اللهجة. يحدّثنا جان ويضعنا في صورة الاستعداد لهذه الشّخصية والتّحضير لها فيقول: كان هناك تحدّيات كثيرة، أوّلها أنّ العمل واحد من أعمال ضخمة تنتجها الشّركة، إضافةً إلى أنّه يتناول مرحلةً تاريخيةً صعبةً عاشها الإنسان السّوري، ولعلّ التّحدّي الأكثر أهمية بالنّسبة إليّ هو أنّني أجسّد شخصية “عاصي الزّند” في مرحلة يفاعته، وتالياً فقد كانت المسؤولية كبيرة جدّاً عليّ، ولاسيّما أنّ مشاهدي هي افتتاح لقطة العمل التي تبدأ الحكاية الأساسية منها، مبيناً أن وجود ولو صعوبة واحدةً في أي عمل هو شكل من أشكال المتعة والتّحدّي مع الذّات لتقديم الأفضل”، أمّا بالنّسبة للهجة فإنّ إتقانها كان أمراً طبيعياً لأنّها “ليست غريبة عنّي وهي لهجة من لهجات عدّة في بلدي سورية، واستطعت إتقانها بالتّدرّب وبمساعدة مدقّق الّلهجات جول لباد، ونتيجة لهذا التّعاون والجهد كان إتقانها بشكلٍ جيّد حتمياً لأنّ لها نغمة و”رنّة” ووقعاً مميّزاً جدّاً”.

ويضيف جان: ومن ناحية الاشتغال على الشّخصية أدائياً، فقد كان أحد الأهداف الأساسية لدينا هو وجود تشابه بين شخصية “عاصي” في الصّغر وشخصيته في الكبر من حيث البنية الجسدية وطريقة التّحدّث، وقد ساعدني الفنّان وسيم قزق في كلّ خطوة من خطوات عملية بلورة الشّخصية وبنائها بالطّريقة المطلوبة وتشكيل هويتها منذ الصّغر، والتي سنشاهد تطوّراتها فيما بعد في مرحلة الكبر التي يؤدّيها الفنّان تيم حسن.

مسيرة ربيع جان الفنّية مقارنة بعمره متنوّعة، فقد بدأ طفلاً صغيراً في الدّراما السّورية وشارك بالعديد من الأعمال الدّرامية التّلفزيونية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مسلسل “سوق الحرير” بجزأيه الأوّل والثّاني، حيث أدّى شخصية الطّفل عمر الحرايري، ومسلسل “حارس القدس” في عام 2020  حيث أدّى فيه شخصية المطران هيلاريون كابوتشي في صغره، ومسلسل “ممالك النّار” في عام 2019  بدور “أورغوز” الطّفل، ومن أعماله السّينمائية نذكر فيلم “الاعتراف” في عام 2019 أيضاً وفيه أدّى شخصية الطّفل “جاد”، وفيلم “دمشق- حلب” في عام 2018 لذلك يمكننا القول إنّ شخصية “عاصي” اليافع تشكّل نقلة نوعية في حياة الممثل جان، لكن هل يوافقنا الرّأي؟ يبيّن: لهذه الشّخصية مفردات أدائية كاختلاف اللهجة والفرضية أو الشّرط الدّرامي الذي وضعت فيه، وفيها حالة من الغنى بالمضمون والحركة، وأي شخصية بهذه السّمات لابدّ أن تعدّ نقلة نوعية في مسيرة أي ممثل، وبشكلٍ عام كلّ عمل يشكّل خبرةً ومرحلة جديدة ونقلة معيّنة في حياة أي ممثل، فما بالنا إذا كان هذا العمل من الأعمال الضّخمة إنتاجاً وإخراجاً ونصّاً متكاملاً للكاتب عمر أبو سعدة، مضيفاً: وقوف أي ممثل أمام كاميرا المخرج سامر برقاوي مع فريقه الإخراجي الخبير وتوجيهاته الدّقيقة هو خبرة بحدّ ذاتها.

لكن هل تعامل المخرج برقاوي مع جان على أساس أنّه ما يزال “طفل الدّراما” أم لا؟ يجيب جان: لكلّ ممثّل كيانه الخاصّ فيه بغضّ النّظر عن عمره، ومعاملة المخرج مع أي ممثل ككيان يجب أن تكون لطيفة وتصبّ بمصلحة العمل قبل المصلحة الشّخصية، لأنّ العمل الدّرامي عمل جماعي وأشبه بلوحة فنيّة متكاملة العناصر، وهذا ما يميّز المخرج برقاوي، أي المعاملة اللطيفة الرّاقية مع الجميع من دون استثناء والاهتمام بكلّ التّفاصيل.

ما يزال ربيع جان على مقاعد الدّراسة الثّانوية، وتفصله سنتان فقط عن مستقبل ربّما رسمه من المرّة الأولى التي وقف فيها أمام الكاميرا.. يقول: أرى أنّ الدّراسة الأكاديمية مهمّة وضرورية لأيّ ممثّل، فهي تصقله ثقافياً وتغنيه فكرياً وتمكّنه من أدواته، لذلك أنوي الدّراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، منوّهاً بأهمية الموهبة التي تطغى أكثر حينما تدعم بالدّراسة الأكاديمية.