أكذوبة التنزيلات لم تُؤت ثمارها هذا الموسم.. والتجار بانتظار عيد الفطر لإنعاش السوق
البعث الأسبوعية – ميس بركات
بأكياس خجولة وحركة كبيرة في الأسواق مرّ موسم التنزيلات لهذا الفصل مرور الكرام، فترقّب التجار طوال فترة الشتاء لبدء موسم التنزيلات علّ وعسى تنتعش محالهم من جديد إلا أن واقع السوق خيب آمالهم ، إذ لم يُفلح شهر آذار المّسمى بشهر التنزيلات وما يحمله معه من أعياد بملء جيوب التجار ممن لم ينكروا ازدحام الأسواق بالمواطنين، لكن – وبحسب التجار- لم يُضف هذا الازدحام الأرباح المتوقعة ككل عام، لا سيّما وأن العامين الأخيرين شهدا كساداً كبيراً في الألبسة والأحذية وإحجام كبير عن الشراء من قبل المواطنين الباحثين بالسراج والفتيلة عن لقمة العيش لا عن اللباس والأناقة.
ترقيع الربح
ومع بدء شهر رمضان عادت المحال التجارية كسابق عهدها خاوية على عروشها بانتظار قدوم عيد الفطر، الذي لا يعوّل عليه التجار كثيراً، فارتفاع أسعار الألبسة المحلية بشكل كبير مع انخفاض الأجور والقدرة الشرائية خلق هوّة بين المواطن وبين التفكير في التسوّق، ليؤكد الصناعي عماد قدسي أن ارتفاع سعر البضائع المحلية لم يؤدي إلى عزوف المستهلك المحلي عن شراءها فقط، ليتعداه إلى خروجنا من منافسة الدول الأخرى وكساد بضائعنا بسبب ارتفاع سعرها مقارنة بدول كثيرة، ولم يلق قدسي اللوم على الصناعي والتاجر خاصّة وأن معيقات الصناعة المحلية بشتى أنواعها تزداد يوماً بعد يوم رغم مطالبات الصناعيين بتقديم تسهيلات لهم تشجعهم على الاستمرار إلّا أن “سياسة التطنيش” لا زالت سائدة مع تغيير الوزارات، ولم ينكر قدسي أن أغلب البضائع المعروضة في موسم التنزيلات هي تصفية لموديلات قديمة مخزنة لم تُبع في السنوات الماضية، لافتاً إلى أن التاجر اليوم يقوم ببيعها بأضعاف سعرها وتكلفتها الحقيقة السابقة بهدف زيادة ربحه وترقيع خسارته خاصّة وأن سعر تكلفة أي صناعة اليوم من ألبسة وأحذية وغيرها لا يتناسب مطلقاً مع حجم التكلفة.
ولم يكن الحال أفضل في محال “الماركات” والتي لم تُقدم عروضاً تتجاوز الـ30% ليتجاوز سعر القطعة الواحدة بعد التنزيلات ضعفي أجر الموظف الحكومي في أحسن الأحول، الأمر الذي جعل وقوف أغلب المواطنين على واجهات هذه المحال ومطالعة الأرقام القياسية الموضوعة بجانب كل بضاعة هو أقصى ما يمكن أن يفعله، تاركين شراءها لأصحاب الملايين ومتجهين إلى محال “البالة” التي هي الأخرى رغم تضاعف عددها خلال سنوات الحرب و غض نظر الجهات المعنية عن دخول هذه البضائع بكميات هائلة إلّا أنها لم تسلم من وباء ارتفاع الأسعار تحت ذريعة تكلفة شحنها وما يفرض عليهم من ضرائب ناهيك عن أجرة المحل التجاري وغيرها من المبررات التي تهدف إلى “تشليح” المواطن آلافه القليلة لشراء لباس قديم لأطفاله، خاصة وأن سعر أي قطعة في هذه المحال لم يقل عن 30 ألف في موسم التصافي.
فوضى سعرية
ولعل هاجس التسوق في موسم التنزيلات لم يعد كالسابق عند الفتيات والنساء نظراً للظروف المعيشية الصعبة وما فرضته عليهن من أولويات في مساعدة الأسرة بالمصروف، لتُجمع الكثيرات على أن الاتجاه الأكبر في هذا الموسم يكون على محال “البالة” خاصّة وأن البضائع المحلية المعروضة في التنزيلات مكدسة منذ أعوام بالتالي فهي عرضة للإهتراء القريب كون جودتها كانت بالحد الأدنى منذ صناعتها، بالتالي فإن عدم ضمان المحافظة عليها لعامين قادمين يحول دون شراءها خاصة وأن شراء الملابس والأحذية خلال السنوات الأخيرة يقوم على فكرة البحث عن جودة قليلة بسعر مناسب وكفالة لأكثر من عامين تجنباً للشراء في كل عام وسط ارتفاع مخيف في الأسعار ورقابة شبه معدومة على الأسواق في هذا الموسم الوهمي القائم على فكرة تحقيق ربح للتاجر وإرضاءه بعيداً عن إنصاف المستهلك الذي يحمّله التاجر مراحل الصناعة والتجارة بدءاً من سعر الخيط مروراً بأجرة المحل والضرائب ورسوم المالية، لنصل في نهاية المطاف إلى “أكذوبة التنزيلات” وفوضى سوقية ببضاعة محلية رديئة الصنع غالية الثمن وبضائع مهربة “بالجملة” وبسعر أقل ببضع الآلاف من المحلية.