بوريل.. البطّة العرجاء
تقرير إخباري:
ما هو نوع العلاقة الذي أراد ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل تسويقه بين حلف شمال الأطلسي “ناتو” والاتحاد الأوروبي، وهل يمكن أن يكون مثل هذا التصريح مطلوباً لذاته بوصفه إحدى المهمّات الخاصة التي يؤدّيها الرجل بأمر من مشغّليه في واشنطن، حيث لا يبدو مطلقاً من وجهة نظر منطقية أن انضمام فنلندا إلى حلف الناتو سيعزّز مكانة الاتحاد الأوروبي التي بقيت على حالها رغم وجود 22 عضواً في الاتحاد الأوروبي ضمن أعضاء الحلف الـ27، وبالتالي ما الذي أراده بوريل من مثل هذا التصريح؟.
في الحقيقة، تبيّن من خلال مناسبات سابقة أن الرجل يُطلب منه دائماً التعليق على أمور معيّنة، أحياناً لمجرّد تثبيت الحضور، وأحياناً أخرى خدمة لفكرة أطلسية بامتياز، فالرجل في طبيعة الحال يتحدّث دائماً عن قرارات أو اتفاقات أو أمور شديدة اللُصوق بحلف الناتو، وكأنه تحوّل إلى ناطق رسمي باسم هذا الحلف.
ورغم أننا لا نقلّل من الموقف الروسي من هلسنكي بعد انضمام فنلندا رسمياً إلى الحلف العسكري الذي يقود حالياً جبهة غربية للحرب على روسيا عبر أوكرانيا، إلا أننا نستطيع تسجيل مجموعة من الملاحظات حول هذه المسألة، أوّلها أن هناك رغبة أطلسية بالفعل في السيطرة على قرارات الاتحاد الأوروبي بالكامل، ومنع هذا التحالف بأيّ طريقة من التفكير في إنشاء منظومة عسكرية خاصة به، كالحديث مثلاً عن جيش أوروبي مستقل، تم طرح فكرته سابقاً من كل من فرنسا وألمانيا، وثانيهما ربّما، وهو الأهم، أن الحلف ذاته بدأ يشعر بانعدام بريقه في أعين جمهوره وخاصة الأوروبي، وبالتالي لا بدّ من منحه شيئاً من الانتصارات، حتى لو كانت شكلية، من قبيل انضمام دولة معيّنة إلى صفوفه، وذلك للتغطية على عجزه عن القيام بالمهمّة الأساسية التي تصدّى لها منذ البداية وهي هزيمة روسيا استراتيجياً، وهذا ما لم يتمكّن منه الحلف حتى الآن في صراعه مع روسيا في أوكرانيا، حيث اضطرّ للإعلان غير مرة أنه عاجز عن تحقيق نصر سريع هناك، فكيف إذا تعلق الأمر بحرب طويلة الأمد تستنزف مقدّرات الحلف العسكرية والمالية وتضعه في موقف آخر، حيث يمكن أن نجد دولاً في الشرق الأوروبي تتصدّى للدفاع عن الدول الغربية التي تقف متفرّجة، بينما تكون هي في رأس المدفع، في مثل المعركة.
ووفقاً لبوريل، تواصل المنظمتان “الاتحاد والحلف” تقديم المساعدة لأوكرانيا، وهذا طبعاً جزء من التكامل الذي يحاول الرجل الإيحاء به، غير أنه يخفي شيئاً آخر وهو أن الحلف الأطلسي الذي يسوّق له في زحمة الهزائم التي تعرّض لها في مواجهته الحالية مع روسيا صار يبحث عن أيّ شيء يمكن أن يطلق عليه مسمّى الانتصار، وبالتالي فإن عمل الحلف على ضمّ فنلندا والسويد إلى صفوفه ليس إلا محاولة لتسويق نوع من الانتصار على روسيا، ويقتصر فقط على الجانب الإعلامي، ولا أثر فعلياً له على الأرض، وذلك كلّه على الرغم من أن الكرملين صرّح بأن روسيا تأسف لتوجّه فنلندا إلى الانضمام لحلف “الناتو”، حيث لم تشكّل موسكو أيّ تهديد لهلسنكي، بينما أشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أن ذلك سوف يكون له تأثير سلبي في العلاقات بين هلسنكي وموسكو.