أبحاث لتحويل السرطان من مرض حاد إلى مزمن.. وتكلفة الفحص المجهري في مقدمة المعوقات
دمشق- حياة عيسى
يعتبر مرض السرطان من أعقد الأمراض وأكثرها خطراً، نظراً لنسبة شفائه القليلة نسبياً مقارنةً بغيره من الأمراض الخطيرة، ولكن حالياً يتمّ التوجّه نحو المعالجة “البيولوجية” والتي تعدّ الخط الثاني للعلاج الذي من شأنه مساعدة المريض للاستشفاء وزيادة فرص الحياة.
الدكتور سومر العثمان اختصاصي بالأمراض السرطانية بيّن لـ”البعث” أن العلاج البيولوجي هو أي علاج ماعدا العلاج الكيماوي التقليدي، ومن الواجب التمييز بين علاجين، أحدهما هدفي يستهدف طفرة معينة من الخلية، والآخر مناعي يعمل على تحريض مناعة الجسم لاستهداف الورم ومقاومته، علماً أن العلاج البيولوجي سواء أكان هدفياً أم مناعياً يستهدف الورم والبحث عن طفرات ضمنه وتميّزه عن غيره من الخلايا لتكون أهدافاً للعلاج، ويشمل العلاج المناعي والهدفي العامل على تحريض مناعة الجسم لمهاجمة الورم، وكلا العلاجين يدخلان ضمن العلاج البيولوجي، مع الإشارة إلى أنه منذ فترة ليست ببعيدة تمّ تسليط الضوء على اللقاح الورمي الذي يتمّ من خلاله إدخال خلايا تائية مناعية مهيئة لمحاربة الورم، وهو إجراء تمّ اتخاذه والعمل فيه في الدول المتقدمة.
أما بالنسبة للمرضى المرشحين للعلاج البيولوجي، فقد أكد العثمان أن مرضى السرطان مختلفون تماماً في الحالة المرضية، ولاسيما بوجود نحو 500 مريض في الوقت نفسه لكلّ منهم صفاته الخاصة ومشكلاته وطبيعته والأدوية التي من الممكن أن يستفيد عليها، الشيء الجديد الذي يتمّ التحدث فيه حالياً “الطب الدقيق” وهو أن يتمّ تفصيل العلاج على مقاس المريض، أي العمل على عينات التشريح المرضي وإجراء تحاليل صبغية ومورثية للبحث عن مورثة مريضة في مكان محدّد لإعطاء الدواء المناسب لوجودها، لافتاً إلى أن الأمر بدأ من حوالي عشر سنوات بسرطان الرئة وتمّ اكتشاف طفرة”AGFR” تؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة بحوالي 5-10% بين الأشخاص، أما في دول آسيا فقدّرت نسبة الإصابة بأكثر من 40% من الأشخاص المدخنين، وكان إعطاء الدواء بهذا المجال يؤدي إلى تغيير حياة المرضى بالكامل، من خلال العمل على استهداف طفرة معينة، بالتزامن مع العمل على إخضاع المريض لإجراء تحليل يسمّىNGS”” يتم من خلاله تحديد مكان الطفرة وأهدافها لتحديد نوع الدواء المناسب، علماً أن هناك أوراماً ليس لها استجابة مناعية للدواء، ويستهدف العلاج البيولوجي سرطانات الجلد “الميلونوما” تحديداً وسرطان الرئة.
وأوضح أنه في حال انتشار المرض في كافة الجسم أو ما تُسمّى بالحالات المتقدمة فإن العلاج الهدفي يعتبر مفيداً –حسب العثمان- لكن المشكلة التي تحدث أنه في الحالات المتقدمة يساعد العلاج على منح المريض فرصة للعيش لفترة أطول تقارب السنة، وليس بالضرورة أن يكون شافياً، وفي بعض الحالات يكون العلاج شافياً ولكنه ليس شرطاً لكافة المرضى، علماً أن معظم المرضى طموحاتهم بالمعالجة البيولوجية تتفوق على الواقع، أي أن تصورهم عن الموضوع أضخم من الوضع الحقيقي، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العلاج البيولوجي أفضل من الكيماوي ولكنه ليس مجدياً دائماً كما هو متوقع، ولاسيما أن العلاج مطبق على سرطان خبيث، ومعظم الأدوية التي يتمّ منحها لمرضى السرطان، سواء كانت بيولوجية أو الهدفي، من شأنها التأثير على المرض لفترة أطول من فترة المعالجة الكيماوية، ولكن الورم بعد سنة أو أكثر من شأنه أن يعيد تكوين أوراقه ويعيد الهجوم مرة أخرى.
وتابع العثمان أنه في كلّ يوم يتمّ اكتشاف طفرات جديدة من الأورام ويتمّ تصميم هدف يستهدفها من خلال البحث العلمي، وأحياناً يتمّ استهداف أكثر من طفرة للحصول على النتيجة نفسها، ولاسيما أن غاية الطب في الوقت الحالي تحويل السرطان من مرض حاد يقتل المريض خلال أربعة إلى خمسة أشهر إلى مرض مزمن يتعايش معه المريض على المدى الطويل كغيره من الأمراض المزمنة، إلا أن معوقات البحث عن الطفرة تتمثل بتكلفة الفحص المجهري والمورث، علماً أن هناك مخابر بأيادٍ سورية تعمل على الموضوع ولكن التكلفة كبيرة جداً تقارب الـ10 ملايين ليرة أو أكثر، ويتمّ العمل بشكل رائد وحديث، وكذلك هيئة الطاقة الذرية تعمل بهذا الشأن ضمن قدراتها الممكنة من خلال إجراء بعض أنواع التحاليل السرطانية في مخابرها.
يُشار إلى أن أسعار المعالجة الهدفية والبيولوجية تختلف، فهناك معالجات لا تتجاوز الـ500 ألف أو مليون ليرة، وهناك معالجات تتجاوز الـ100 مليون للجرعة الواحدة، ولكن الأسعار بدأت بالهبوط بسبب أن الأدوية عند انتهاء حق الامتياز يصبح الحق لصيدلية فقراء العالم “الهند، بنغلادش” إنتاج الدواء نفسه وبأسعار رخيصة.