سباق “الناتو” لتطويق روسيا ومن بعدها الصين عبر القطب الشمالي
تقرير إخباري:
تتسارع الخطا الغربية لتأجيج وتوتير الأوضاع في منطقة القطب الشمالي لغايات متعدّدة، وخدمةً لمشاريع طويلة الأمد تحت غلاف الحرب في أوكرانيا، ونشاهد أن “الناتو” نجح في إخراج فنلندا عن حيادها التاريخي عبر نشر وحشد الجيوش على حدودها المحاذية لشمال روسيا المقدرة ب 1300 كم والانضمام إلى الحلف، وإنفاق أموالها بذريعة الخوف من الخطر الروسي، على الرغم من أن عشرات السنين لم تشهد أي إطلاق نار عبر حدود البلدين، أما أمريكا والتي لا حدود لها مع روسيا في المنطقة تعيد الآن تأهيل قاعدة تول العسكرية التي أنشأتها قبل أكثر من سبعة عقود بتكلفة ستتجاوز الـ4 مليارات دولار لصدّ أي استهداف روسي محتمل لأراضيها بالصواريخ الإستراتيجية، وتقيم عدداً من المناورات في آلاسكا، ويتهم ينس ستولتنبرغ، أمين عام الحلف روسيا بأنها دخلت في حرب مع أوكرانيا لتخفيض عدد دول حلفه، ولكنه الآن عددها يتزايد.
إن خطوات حلف الأطلسي لا ترمي إلى الدفاع عن أوكرانيا بل إلى تفكيك الجيش الروسي بعد إضعافه، وتفكيك وحدة الأراضي الروسية بغية السيطرة على الطاقة والثروات فيها، ومنع روسيا من استثمار ثرواتها في القطب الشمالي أو الاستفادة من الطرق البحرية في المنطقة، إضافةً إلى تغيير تموضع روسيا من قوة في وجه الغطرسة الغربية إلى مؤيد ومنفّذ لها، ومن ثم عرقلة المشروع الروسي الصيني المشترك للنقل المباشر من القطب الشمالي مروراً بشمالي أوروبا وصولاً نحو آسيا، حيث جهزت المنطقة بأسطول كاسحات جليد نووية صينية إتماماً لمشاريع التنمية المشتركة بين بكين وموسكو في إطار مبادرة الطريق والحزام، والأخطر تزامن ذلك مع انهيار مرتقب في العملات الأوروبية، ومزيد من انهيارات البنوك الأمريكية، بعد نجاح الصين وروسيا في إرساء نظام مالي عالمي جديد يهدف إلى الإطاحة بهيمنة الدولار على العالم، ومسارعة دول جنوب العالم وآسيا والشرق الأوسط في الانضمام إليه بخطاً جدية، في حين أن “الناتو” مستعد لإحراق أوروبا وتدمير العالم للحفاظ على سيطرة القطب الأمريكي على اقتصادات الدول.
ما يجري الآن يشبه كماشة غربية أطلسية تمتد من القطب الشمالي وصولاً إلى فنلندا وقريباً السويد، والهدف منها تطويق روسيا واحتواؤها، لكن بالمقابل فإن روسيا تعاملت مع هذا الواقع الخطير بدقة متناهية، حيث نشرت أسلحتها النووية التكتيكية والصواريخ بعيدة المدى في بيلاروسيا، وأنشأت العديد من المنشآت والمدرجات في القطب الشمالي.
لا بد من الاعتراف بأحقية فنلندا في الانضمام إلى “الناتو” كدولة مستقلة، ولكن المشكلة تكمن في التوقيت الذي يثبت أن الحلف هو من أجبرها على الانضمام لا العكس، فالحلف أصبح يتصرّف كقوة محتلة لأوروبا، وتعمل على إبعاد ألمانيا عن روسيا والصين لمنع انزلاق القارة خارج الحظيرة الأمريكية، حيث أُجبرت ألمانيا على نشر دباباتها في أوكرانيا خلافاً لدستورها ورغماً عن إرادة شعبها، والآن العالم أصبح على حافة صراع نووي ربما ينشأ مصادفةً أو حتى بالخطأ عبر استهداف طائرات أو مسيرات في خضم هذا التحشيد الأطلسي غير المسبوق على الحدود مع روسيا والصين.