محافظة دمشق تشمع المقهى واتحاد التشكيليين.. “لا رواق”؟!
أكسم طلاع
يقع مقهى الرواق العربي في حي العفيف ويُسمّى بمقهى الفنانين التشكيليين، وقد قامت محافظة دمشق بختمه بالشمع الأحمر منذ شهور مطالبة اتحاد الفنانين التشكيليين بتسديد ملايين الليرات مقابل إشغال هذا المكان الأثري، حيث كان خزان ماء ضخماً يروي مدينة دمشق عبر شبكة من القنوات والأنابيب، وقد شغلته نقابة الفنانين منذ أيام وزيرة الثقافة نجاح العطار إلى حين إغلاقه بجعله مقهى بسيطاً على سطح الخزان وحديقته، يقدم المشروبات الساخنة والأراكيل ومكانا يلتقي فيه الفنانون، إضافة إلى وجود صالتي عرض للفن التشكيلي، واحدة في القبو شهدت العديد من المعارض التشكيلية المهمة، والصالة الأخرى أصغر مساحة تُعرف بصالة الراحل لؤي كيالي، إضافة إلى حجرتين صغيرتين يشغلهما فرع دمشق للاتحاد.
المهمّ أن هذا المكان أُغلق بعد أن استرجعته المحافظة لعجز اتحاد الفنانين عن تسديد المبلغ الجديد الذي قفز عشرات الأضعاف! وبالتالي فقد اتحادهم أهم عنوان للقاءاتهم وأهم مورد مالي لاتحادهم. واللافت أن اتحاد الفنانين لم يصدر أي بلاغ أو تعميم لأعضائه يبيّن ما حصل! وقد أثار الموضوع الأديبة ناديا خوست التي كتبت على صفحتها مطالبة المحافظة بالتزاماتها الثقافية، ومطالبة الفنانين بالوقوف واستعادة الرواق العربي، وقد نشر الاتحاد نص المقال عبر صفحته على الفيسبوك متبنياً هذا الرأي: “هناك الكثير من المسائل التي يفترض أن تشغل محافظة دمشق بدلاً من مطاردة نقابة الفنانين!”..
ففي أيام وزيرة الثقافة الدكتورة نجاح العطار – وقت كانت الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية – رُمّم الرواق “خزان الماء” في العفيف وأُعطي لنقابة الفنانين.. حضرنا فيه معارض فنية وجلسنا في حديقته التي أصبحت مقهى بسيطاً التقى فيه آنذاك الفنانون والكتّاب والصحفيون، وسدّد استثماره نفقات نقابة لا تتميز بالغنى، كان يفترض أن يحول استملاك الرواق لمصلحة نقابة الفنانين وقد كان ذلك ممكناً، لكنه بقي ملكاً للمحافظة التي تندفع اليوم في حمّى السوق وارتفاع الأسعار لتلغي عقد الإيجار المستمر منذ سنة 1979، وتطلب مئتي مليون ليرة أجرة سنوية بدلاً من اثني عشر مليوناً، يعني سحب الرواق من منظمة ثقافية فيها مقر فرع دمشق ليقدم لمستثمر حجمه 200 مليون، وقد طالبت الكاتبة في منشورها الفنانين التشكيليين بالوقوف والمطالبة بحقهم في الرواق العربي!.
في الخاتمة لا بدّ من الاعتراف بأن اتحاد الفنانين التشكيليين يعيش حالياً أسوأ وضع اقتصادي وتنظيمي، ولن يستطيع الدفاع عن الرواق واستعادته، وما يحصل نتيجة تراكم الخسارات في الاتحاد وتراجع دوره النقابي منذ أن خسر مكتبه التنفيذي الأسبق ملكية الأرض المخصّصة للاتحاد في منطقة الديماس نتيجة الإهمال والتقصير، وقد مرّ الأمر دون محاسبة، وكذلك الوضع في الرواق العربي الذي يدرّ مقهاه مبلغاً من الممكن أن يساهم في تعزيز الوضع المادي إلى جانب المعونات المقدمة من وزارة الثقافة سنوياً. ومن المؤسف أن نذكر أنه في أحد العهود السابقة لمكتبه التنفيذي قد تراكم العجز ولم يستطع تسديد فواتير الماء والكهرباء!.
على الفنانين الوقوف أمام واقعهم بصراحة وشجاعة والمطالبة بمحاسبة المقصّرين، وقد نشرنا من قبل مطالبين قيادة هذا الاتحاد بالشفافية والوضوح والتعاون.. نعم قلنا من قبل هناك تقصير في هذا البيت وربما هناك رائحة فسادا!.