مظاهرات عارمة ضدّ العنف المسلح في ولاية تينيسي الأمريكية
واشنطن – تقارير:
وسط تزايد حدة الجدل داخل الأوساط الأمريكية حول ارتفاع حوادث إطلاق النار وارتباطها بشكل مباشر بحق حيازة أسلحة فردية بموجب الدستور خرج آلاف الأمريكيين في مظاهرات حاشدة بولاية تينيسي، للمطالبة بسن قوانين حازمة تحد من ظاهرة العنف المسلح المتفشية على نحو غير مسبوق في الولايات المتحدة.
وفيما حاولت معظم وسائل الإعلام الأمريكية التعتيم على الخبر تداولت مواقع محدودة مثل صحيفة نيويورك بوست خبر المظاهرات التي شارك فيها آلاف الطلاب أمام مبنى الكابيتول في ولاية تينيسي، احتجاجاً على العنف المسلح، وذلك في أعقاب حادثة إطلاق النار بمدرسة في مدينة ناشفيل قتل جراءها ثلاثة أطفال و3 مدرسين.
ووفقاً للصحيفة فإن أكثر من 3 آلاف شخص معظمهم طلاب نظموا المظاهرة تحت عنوان “من أجل حياتنا”، وشارك فيها أيضاً طلاب نجوا من حادثة إطلاق نار شهدتها مدينة باركلاند في ولاية فلوريدا عام 2018.
ومع تفاقم الخلافات والجدل سواء في الأوساط السياسية أو الاجتماعية حول ضرورة اتخاذ إجراءات فورية، للحد من ظاهرة حيازة أسلحة فردية بذريعة التعديل الثاني من الدستور الأمريكي كشفت شبكة سي إن إن الإخبارية أن الجمهوريين في مجلس النواب في تينيسي اتخذوا خطوات نحو طرد ثلاثة نواب ديمقراطيين عن الولاية بعد مشاركتهم في الاحتجاجات ضد العنف المسلح في مبنى الكابيتول بالولاية.
وأوضحت “CNN” أن المشرعين من الحزب الجمهوري قدموا ثلاثة قرارات طالب كل واحد منهم بطرد النواب غلوريا جونسون من نوكسفيل، وجوستين جونز من ناشفيل، وجوستين بيرسون من ممفيس، وقد تمت إزالة كل منهم بالفعل من مهامه في اللجنة بعد الاحتجاجات.
وفي تغريدة على موقع تويتر قال النائب الديمقراطي جونز: “يأتي وقت يتعين عليك فيه القيام بشيء خارج عن المألوف، ولقد شغلنا مبنى الكابيتول بعد أن تم إسكاتنا مراراً وتكراراً عن الحديث بأزمة إطلاق النار الجماعي”.
وانحاز مجلس النواب في تينيسي كاميرون سيكستون إلى تحرك الجمهوريين، واصفاً في سلسلة تغريدات على تويتر تصرفات المشرعين الديمقراطيين المشاركين في الاحتجاجات ضد انتشار الأسلحة بأنها “غير مقبولة”.
وفي سياقٍ متصل بملف العنف المسلح، وصف الكاتب الأمريكي كوينتين يونغ، العنف المسلح وظاهرة حمل السلاح الفردي المتفشية على نحو مخيف في الولايات المتحدة بأنها ترقى إلى مستوى “حرب بالوكالة”، تستهدف المواطنين الأمريكيين العاديين بمن فيهم الأطفال والنساء بدعم من دستور البلاد والمتعصبين له.
وقال يونغ في سياق مقال نشره موقع “كولورادو نيوز لاين” الأمريكي: إن أعمال العنف المسلح تفضي إلى مذابح وحوادث إطلاق نار جماعية جديدة كل يوم في الولايات المتحدة، حيث يرفض الأمريكيون الذين يصرّون على حيازة الأسلحة الفردية بذريعة التعديل الثاني من الدستور الاعتراف بأن أيديهم ملطخة بالدماء، بل يعتبرون أن الحل للجرائم وحوادث إطلاق النار التي خرجت عن السيطرة في الولايات المتحدة هو المزيد من الأسلحة، مشيراً إلى أن العنف المسلح أصبح يستهدف الأطفال والمتسوقين في متاجر السلع التموينية، بينما ينتشر أولئك الذين يحملون السلاح الفردي كما لو كانوا في اشتباك عسكري وبدعم من المتعصبين للتعديل الثاني لدستور الولايات المتحدة ويقتلون الأبرياء.
واعتبر يونغ أن أحداث العنف المسلح التي يشهدها المجتمع الأمريكي على نحو يومي ما هي إلا حرب مشتعلة يمثل المؤيدون لحيازة السلاح من سياسيين وأفراد طرفاً رئيسيا فيها، موضحاً أن الأسلحة تتسبب بمقتل ما يقارب 49 ألف شخص سنوياً في الولايات المتحدة، ما يعني أن أي شخص يمكنه أن يصل إلى استنتاج بسيط مفاده بأن مزيداً من الأسلحة يعني مزيدا من الموت، مؤكداً أن تسامح أمريكا مع حيازة الأسلحة الفردية هو حالة استثنائية وغير مسبوقة في العالم.
ورغم وعود الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتحرّك ضد عنف حمل السلاح واتخاذ إجراءات منذ عامين لمنع بيع أنواع من الأسلحة الآلية ووصفه عنف الأسلحة في الولايات المتحدة مؤخراً بأنه وباء ويسبب إحراجاً دولياً للبلاد إلا أن شيئاً لم يتغير.
وتعد هذه المشكلة عنصراً أساسياً في الحياة العامة الأمريكية، لكن القضية سياسية للغاية أيضاً، حيث يتشبث الأشخاص الذين يرون من حقهم حمل السلاح ومعظمهم من الجمهوريين برأيهم، رغم كوارث إطلاق النار اليومية التي تضرب المجتمع الأمريكي، ومنذ مطلع العام الحالي وقع أكثر من 130 حادث إطلاق نار جماعي في جميع أنحاء الولايات المتحدة هذا العام حتى الآن، بما في ذلك الهجوم على مدرسة في ناشفيل الذي قتل فيه ثلاثة أطفال وثلاثة بالغين، كما تظهر الأرقام من منظمة أرشيف العنف المسلح وهي قاعدة بيانات بحثية غير ربحية أن عدد عمليات إطلاق النار الجماعية قد ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث كان هناك خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من 600 حادث إطلاق نار جماعي قتل أو أصيب فيه أكثر من أربعة أشخاص بمتوسط مرتين في اليوم.