المواطن الحكيم!!
غسان فطوم
إن أكثر ما نحتاجه اليوم في ظلّ المشهد الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلد، هو القرار الجريء بالاعتراف بإخفاقاتنا وأخطائنا والتعلم منها، فليس مقبولاً أن نتعثر بالمطب مرات عديدة ونسوق الحجج نفسها لتبرير الرؤى الفجة وإخفاق والخطط التنموية العرجاء التي خلّفت لنا الكوارث بمختلف المجالات؛ فالملاحظ وبوضوح تام أن آلية التواصل بين الحكومة والمواطن ليست على ما يرام، إذ يشعر الأخير أنه مهمّش أو مغيّب عن قراراتها وإجراءاتها وسياساتها، لذا لا يتردّد بوصفها بقرارات الأمر الواقع “كن فيكون”، فغالبية القرارات التي صدرت كانت بعيدة عن المعطيات الاقتصادية الراهنة، لنكتشف بالنتيجة أنها مجرد تجارب أنهكت البلاد والعباد!
بالتأكيد لسنا ضد إنعاش الأمل ولكن ليس بالطريقة المجافية للواقع والمخيبة للأمل.
وعلى خلفية ما سبق، سؤالان يمكن طرحهما هنا: ما الذي يمنع أن يطّلع المواطن على آلية صنع القرار الذي يتعلق بأحواله ليكون على دراية بما تقوم به الحكومة من أعمال، ومهام، وبرامج ومشاريع ترتبط به؟ وهل يجب أن يكون المواطن حكيماً في التعاطي مع الحكومة ويقدّر الظروف في ظلّ ما يصدر من قرارات تبدوا غير حنونة وغير حكيمة؟
لا شكّ أن الأسئلة مشروعة والإجابة عليها مرهونة بحجم البيانات المتوفرة والدراسات المعمّقة، والقرارات والتشريعات ومدى انعكاساتها الإيجابية على المواطن، لكن تبقى المشكلة في عقلية صانع القرار ومدى الجدوى من قراراته.
بالمختصر، نحتاج لإعادة نظر وتصويب للأساليب التي تتعاطى فيها السلطات التنفيذية مع المواطن بهدف الخروج بآليات جديدة، خاصة وأن الحلول رغم صعوبتها لا تزال متاحة، فهي فقط تحتاج لإدارة رشيقة تعرف كيف تتعامل وتدير الأزمات بالأفعال لا بالأقوال، فالثابت أن الحكومات مهما كانت قوية لا يمكنها النجاح بعيداً عن إسهامات ورضا المواطن كونه المستهدف الأهم في سياساتها، وهذا يجب أن يكون من ضمن أبرز اهتمامات الحكومة وفريقها الاقتصادي الذي بات موضع اتهامات كثيرة بعد حزمة قرارات لم تكن موفقة بنظر المواطن.
ونذكّر أخيراً بتوجيهات السيد الرئيس بشار الأسد للوزراء الجدد بالعمل على “بناء منظومات عمل تعزّز دور الوزارات وتخلق ديناميكية في أداء المؤسسات”، وتأكيد سيادته على “أهمية التواصل والشرح للمواطنين لأنه كلما زادت المعرفة لدى المواطن استطاع أن يكون مدركاً ومتفهماً لإجراءات الحكومة وسياساتها”.