بـ “طقم” واحد.. شكران مرتجى تغيّر معايير برامج المسابقات
نجوى صليبه
ليس غريباً على الفنّانة شكران مرتجى مبادراتها الإيجابية، سواء في الحياة المهنية أم الاجتماعية، وهي كما صرّح أصدقاؤها وزملاؤها في مقابلات إعلامية سابقة ودودة ومحبة ومتعاونة.. الأمر الذي لمسناه بأنفسنا خلال سنوات الحرب، وبعيد الزّلزال الذي ضرب بلدنا منذ شهرين تقريباً، إذ شاركت الضّحايا مصابهم وآلمهم، متنقلةً بين المحافظات المنكوبة تحمل المساعدات وتعاون في فرزها وتكفكف الدّمع وتبثّ الأمل.
وهذا ما تواظب عليه، اليوم، من خلال تقديمها برنامج المسابقات الرّمضانية “14”، إذ صرّحت مرتجى في أحد اللقاءات الإعلامية بأنّ أحد أسباب مشاركتها في هذا البرنامج هو رغبتها وأسرة العمل في إكمال ما بدأت فيه به بعد الزّلزلال، وشدّ أواصر المحبّة الموجودة أساساً في المجتمع السّوري، ولكي يعرف الجيل الجديد أكثر عن وطنه ومحافظاته.
إذاً.. الهدف واضح من العنوان “14”، إشارةً إلى عدد المحافظات السّورية، وفيه تطرح أسئلةً بسيطةً ومتنوّعةً تندرج تحت باب المعلومات العامّة حول هذه المحافظات، من المنتوج الزّراعي أو الصّناعي الذي تشتهر فيه محافظة دون غيرها، إلى عبارة أو مصطلح يقوله سكّانها دون غيرهم من سكّان المحافظات الأخرى، إلى اسم “طبخة” أو مشروب، إضافةً إلى أسئلة حول المحافظة التي يوجد فيها موقع أثري ما أو المنطقة التي دفن فيها أحد الأدباء، لتستضيف في الجزء الثّاني من البرنامج فنّاناً يشاركها في طرح الأسئلة واستقبال الأجوبة من المتّصلين، يتبعه ذلك فقرة “شكراً” وفيها تكرّم شخصية من الشّخصيات التي كان لها دورها في إنقاذ ودعم ضحايا الزّلزال.
اللافت في تقديم البرنامج فضلاً عن مضمونه، هو التزام شكران مرتجى ببزّة واحدة من الحلقة الأولى إلى لحظة كتابة هذه الكلمات، بزّة سوداء مكتوب عليها رقم “14” واسم “سورية” بلون مغاير، الأمر الذي أوضحته في إحدى الحلقات بقولها إنّ الوضع الاقتصادي بالعموم صعب، ولاسيّما بعد الزّلزال، لذلك قررت أسرة البرنامج أن تظهر ببزّة واحدة تضامناً ودعماً للضّحايا.
التّقديم المميّز وسرعة البديهة في الرّد على المتّصلين والتّفاعل معهم والرّوح المرحة والصّبر، عناصر نجاح برامج المسابقات وكلّها حققتها مرتجى بـ “طقم واحد” من دون أن تستعين بـ “شكليات” لا ضرورة لها لكي تربح حبّ الجمهور وتدخل بيوتكم كما دخلت قلوبهم في السّابق، ونؤكّد الفكرة لأنّ البعض جعل برامج المسابقات أشبه بعرض الأزياء، وفارغةً من أي مضمون، ولا ندري ربّما التبس الأمر عليه ولم يعد يفرّق بين برامج المسابقات والبرامج التّرفيهية، وربّما يقول قائل إنّ شكران في برنامج مسابقات سابق لم تلتزم بـ”طقم” واحد” ونقول صحيح ولكنّها نجحت أيضاً، ونقول إنّ الظّرف، اليوم، مختلف عن السّابق ويفرض علينا جميعاً مثقفين وإعلاميين وفنّانين الالتزام بمسؤولياتنا الاجتماعية والمهنية أكثر من غيرنا.
نعود ونقول ليس غريباً على شكران مرتجى هذا التّميز في الفكر والحضور، وهي التي عوّدتنا دائماً أن تعطي الشّخصية التي تقدّمها من قلبها وروحها، وهذا ما تقدّمه اليوم من خلال مشاركاتها المتنوّعة بالموسم الدّرامي الرّمضاني الحالي، ولاسيّما شخصيتها “خولة أم تيسير” في مسلسل “زقاق الجن” لكاتبه محمد العاص ومخرجه تامر اسحاق، الذي نال استحسان الكثيرين وردّت على إحدى عبارات المديح عبر صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بالآتي: هذه الجملة من أكثر الجمل التي استوقفتني حين قرأتها وسمعتها تعليقاً على الكثير من أدواري وآخرها دور “خولة” هي: كيف لشكران التي لم تعرف معنى الأمومة ولم تمارسها في حياتها أن تكون أمّاً هكذا في مسلسل زقاق الجن؟.. قاسية هذه العبارة، لكنّها جميلة.. الأمومة لا علاقة لها بالإنجاب ولا بالتّربية.. الأمومة بكلّ عناصرها أعتقد إنّها بروحي وجيناتي وتربيتي، أعلم أنّ ما قيل كان محبّة وتعبيراً عن الإعجاب وهو سؤال مشروع حقيقة.. شكراً لوصول أمومتي إليكم عبر دور، ولكن من يعرفني عن قرب يعرف سرّي.. الحبّ.. الأمومة قلب وليست رحماً.