رزان كيلاني تجسد في أعمالها طقوس رمضان “المولوية”
ملدة شويكاني
بعض الفنانين التشكيليين وجدوا في طقوس رمضان المبارك حكايات ومشاهدات وعادات ثرّة أغرتهم فاستقوا منها ملامح تزيّن لوحاتهم بألوانهم وانطباعاتهم التي تنعكس على خطوطهم، ومنهم التشكيلية رزان كيلاني التي جسّدت المولوية إحدى الطقوس المتبعة في السهرات الرمضانية، فكان رقص المولوي الدائري وحركات يديه بمناجاة الله عزّ وجل محوراً أساسياً في لوحاتها، ولم يقتصر اهتمامها بطقوس رمضان على اللوحات الحائطية، إذ جسدتها بسائر أعمالها اليدوية.
لوحات زيتية وقماشية
ومن المولوية بدأ حديثها مع “البعث”: اخترتُ المولوية فجسّدت شخصية المولوي بأعمالي سواء باللوحات الزيتية أو القماشية، كون المولوية جزءاً من تراثنا، وتعود إلى الشاعر المتصوف جلال الدين الرومي، انتشرت في تركيا بمدينة قونية بالتحديد وفي سورية، وتعتمد على حركة الرقص الدائري، هذه الحركة تجذبني وأشعر بأنها تمثل دوران الأرض حول نفسها وخاصة حينما يرفع يداً نحو السماء دلالة على مناجاة الخالق عزّ وجل، ويده الأخرى نحو الأرض دلالة على العطاء، ويرافقه العزف على الناي، فأردتُ تعزيز حضور المولوية والصوفية بأعمالي التي دمجتُ ببعضها بين التشخيص والخط على مدى مساحة جسد المولوي لبعض أقوال جلال الدين الرومي، منها:
“لا تكن بلا حبّ، كي لا تشعر بأنك
ميت، مت في الحب وابق حياً للأبد”.
الحياكة بالإبرة والخيط
إضافة إلى اللوحات الحائطية أدخلت المولوي بالأعمال القماشية في أعمالي المصنوعة بشكل يدوي بالحياكة بالإبرة والخيط كوني من مجموعة “إبرة وخيط”، وتنفيذ عمل المولوي بالقماش يعدّ عملية صعبة لوجود تفاصيل صغيرة مثل الطربوش، والثوب وثناياه ضمن المحيط الدائري، إلا أنني أشتغل بها بشغف لعشقي لهذا الطقس الذي يعدّ جزءاً من تراثنا.
أقمشة تراثية
ومن جهة أخرى استخدمتُ أنواعاً من الأقمشة التراثية القديمة مثل الأغباني والصايا وغيرها ضمن تفصيلة ثوب المولوي حتى تعطي هذه التفاصيل جمالية للوحة من خلال نوعية القماش التراثي الشهير، وتكون أكثر دقة وانتماء لبلدنا سورية التي تتميّز بأقمشة خاصة. واللافت أن الناس تميل نحو التراث وتطلب هذه الأعمال خاصة في رمضان، إذ يتمّ اقتناء الأعمال المرتبطة بطقوس رمضان، سواء للوحات القماشية أو الزيتية، والأعمال التي وظّفتها بالمستلزمات المنزلية وتمسّ حياتهم بشكل مباشر مثل ستائر الوسائد ومفارش الطاولات.. وغيرها.
ركن خاص
ومن المعروف أن الزينات بالمنازل لهلال رمضان والمصابيح والمولوية أصبحت مألوفة، إذ يتمّ تخصيص ركن في المنزل لتزيينه بالأعمال الفنية المعبّرة عن طقوس رمضان مع التمر والسبحات الملونة والشرقيات لها علاقة بالشهر الفضيل لإدخال أجواء الفرح والبهجة للأسرة، ما يعزّز أصالتنا وعراقتنا في ظل المؤثرات الخارجية المنتشرة في الوقت الحالي، وفي الوقت ذاته نحبّب الأطفال بطقوس رمضان بالزينات ومائدة رمضان ونعزّز هذه الطقوس في أذهانهم.
الأطفال والزلزال
ولم يقتصر الاهتمام بالأطفال على طقوس رمضان، إذ جسّدت الفنانة كيلاني آثار نكبة الزلزال على الأطفال في مشاركتها مؤخراً بمعرض جمعية شموع السلام الذي أقيم قبل رمضان المبارك في صالة الشعب، بلوحة عن الطفولة التي تواجه المجهول، فتابعت: معظم الناجين من الزلزال كانوا من الأطفال، نجوا لكنهم أصبحوا أيتاماً بلا أم بلا أب يواجهون المجهول بخوف بعدما فقدوا المأوى والأهل، وهذا أحزنني ودفعني لتجسيد لوحة تصوّر حالة طفل خائف وجائع وبيده قطعة خبز.