الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

فلسطين العربية مقاومة

غالية خوجة

ستظل القدس قبلة العشاق، وحنين المشتاق، ولن يضيرها ما يحدث لها لأنها تعلم بأنها عربية وستظل عربية، فـ “سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى”، وسبحان الذي أوحى لمريم عليها السلام أن تهز إليها بجذع النخلة، وسبحانه يؤيد أهل الحق حتى التحرير لأنه الحق الذي ينصر الحق.  

والحقّ واضح وبيّن للعالم أجمع، وهو واضح وضوح النهار مع معاناة فلسطين منذ عام 1948 من الاحتلال وأطماع الكيان الصهيوني، لكن الموقنة بالحرية القادمة، رغم آلامها وآلام المسيح عليه السلام وآلام الشهداء والجرحى والمقاومين، وآلام العالم.

وللقدس تاريخها وحضارتها ومدنها التي تعتبر من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، تماماً، مثل دمشق وحلب، وتشهد آثار هذه المنطقة العريقة على هذه المدنية والحضارة، تلك التي قال عنها محمود درويش: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، وتجسدت هذه الحياة بأعمال الكثير من الشعراء والروائيين والقاصين والتشكيليين والفنانين في مختلف المجالات من مسرحيين وسينمائيين وفناني الشاشة الالكترونية الفلسطينيين والعرب والأجانب كمناضلين في صفوف المقاومة المستمرة، إضافة إلى الاختصاصات العلمية والمعرفية والفكرية.  

أمّا أهم ما يميز هذه الجبهة الثقافية الفنية العلمية فهو إصرارها على القضية الفلسطينية لأنها قضية وطن مؤلف من شعب وأرض ودولة، أي قضية قطر عربي صامد ضد الغزاة والمحتلين، يضحي، وعبْر الأجيال، بالشهداء من أجل التخلص من هذا الكيان السرطاني البائد عاجلاً أو آجلاً.

فمن ينسى الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 و”قصيدة الشهيد” للشاعر عبد الرحيم محمود الذي انضم إلى صفوف عز الدين القسام ضد القوات البريطانية والصهيونية لتظل حجارة فلسطين وأشجارها وسمائها تنشد معه: “سأحمل روحي على راحتي، وألقي بها في مهاوي الردى، فإمّا حياة تسر الصديق، وإما ممات يغيظ العدى”.

وبعد حرب 1967، ما زالت وستزال الأرض تزهر بانتمائها وهويتها ومقاومتها، وبوصلة طريقها مع قصيدة الشاعر السوري نزار قباني “طريق واحد”، والتي ستظل تلمع بكلماتها حنجرة أم كلثوم وألحان محمد عبد الوهاب: “أصبح عندي الآن بندقية، إلى فلسطين خذوني معكم، إلى ربىً حزينةٍ كوجه مجدلية”، وأتبعها بقصيدة “أطفال الحجارة” التي لخصت الواقع اليومي للأحداث اللاحقة.

وكذا، ارتفع صوت الشعراء من المحيط إلى الخليج، ومنهم الشاعر العراقي أحمد مطر وقصيدته “يا قدس معذرة”، والشاعر المصري محمود طه وقصيدة “فلسطين”: “أخي أيها العربي الأبيُّ، أرى موعدنا اليوم لا الغدا، أخي أقبلَ الشرقُ في أمّة، تردّ الضلال وتحيي الهدى”.

بينما وعلى شاطئ الشمس المقابلة، تردد النجوم مع أرواح الشهداء قصائد شاعر العروبة والطفولة سليمان العيسى الذي خصّ هذه الأرض السليبة بمجموعته “أنا والقدس”، وتصدح حنجرة المطربة فيروز بالعديد من الأغاني التي تنادي فيها على القدس، يا مدينة الصلاة، وتظل محفورة في القلب تلك الحناجر التي غنّت للوطن العربي وأقطاره لا سيما أغنية “سورية يا حبيبتي”.

ترى، ماذا تعرف الأجيال العربية المعاصرة عن فلسطين؟ عن الأدب والفن الذي تمحور حولها؟ وهل تستمع إلى تلك الأغاني الوطنية المعززة للانتماء والهوية والقومية والعروبة والمقاومة؟ وما دور الجهات المعنية في الوطن العربي في تكريس هذا الإحساس والشعور والارتباط والدفاع والصمود حتى النصر أو النصر؟