التأمين على الأبنية لا يزال خارج الحسابات.. وشركات التأمين غير قادرة على تحمل تكاليفها!!
دمشق – مادلين جليس
رغم ازدياد مطالبات الخبراء والأكاديميين باعتماد التأمين الإلزامي كعامل مهم من عوامل السلامة الإنشائية ومواجهة خطر الانهيارات المستقبلية التي قد تحدث في حال الزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية، إلا شركات التأمين لا تقبل التأمين إلا على الأبنية التي تُبنى وفق مخطط تنظيمي سليم، ووفقاً للمواصفات والمعايير الدولية وذلك وفقاً لما يراه الدكتور علي كنعان نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، معتبراً أن من شأن هذا الأمر التقليل من الأبنية العشوائية التي تعتبر آيلةً للسقوط منذ بنائها، ما يعني حتماً خسارات كبيرة لهذه الشركات، التي تطلب من المؤمنين أن يكون لديهم وثائق تثبت أن هذه الأبنية قد صممت ضد الزلازل.
كما أكد كنعان أن وجود أبنية عشوائية يقلل فرصة حصر خسائر وأضرار الزلازل بشكل دقيق، فهي غير مرخصة ولا يوجد لها تنظيم، كما أن بناءها تمّ دون الرجوع للمهندسين الإنشائيين لوضع المخططات أو دراسة التربة من قبل الجيولوجيين، أو حتى تقدير الكميات المطلوبة والصحيحة من المواد اللازمة لبناء سليم متين قادر على وأضاف كنعان أن دور شركات التأمين يتمحور في المساعدة والمساهمة في الإسراع بعملية إعادة البناء، إضافة إلى تخفيف نسبة الانهيارات التي قد تحدث في حال حصول زلازل مستقبلية، انطلاقاً من متطلبات التأمين في تحقيق المواصفات ضد الزلازل.
وفي حال كانت المنازل أو الأبنية مؤمنة فإن التكاليف ستكون حتماً أقل على الدول التي من المفترض أن تتحمل آثارها، ولكن وكما يرى كنعان فمهما كانت الدولة قوية ومهما كانت شركات التأمين قوية، فهي ليست قادرة على تحمّل هذه التكاليف بمفردها، إذا أنها تتطلّب مبالغ ضخمة جداً تفوق قدرة الاقتصاد الوطني في أي دولة.
وفي ذات السياق اعتبر الدكتور عمار ناصر آغا عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، أنّ أهمية التأمين الإلزامي ستتكشّف مستقبلاً في حال اعتماده كأساس في الأبنية الجديدة للتخفيف من آثار الكوارث وتخفيف المخاطر، واستثمار ذلك من قبل شركات إعادة التأمين في الدول الصديقة “روسيا والهند والصين وإيران”.
وعلى الرغم من زيادة الاستفسار والطلب على التأمين، إلا أنه وكما يؤكد عقبة سليمان مدير مديرية الإشراف على شركات التأمين، لا يوجد إقبال كبير عليه، مشيراً إلى أن الأثر الكبير المأمول منه، لن يظهر ما لم يقم عدد كافي من المواطنين بالتأمين من أخطار الزلازل.
وانطلاقاً من المثل القائل: “أن تصل متأخراً خير من ألا تصل” فإن الانتباه إلى أهمية نشر وتعزيز الثقافة التأمينية لدى المواطنين، ولدى الجهات العامة والخاصة على حد سواء، بدأ يأخذ أهميته لدى الهيئة التي تعمل ومنذ وقت جيد على نشر الثقافة التأمينية.
وعلى الرغم من الإشارة إلى أهمية التأمين، والإسراع في تطبيقه كأحد المتطلّبات الأساسية، إلا أن هذه الثقافة لا تزال غائبة عن جزء كبير من المواطنين، كما أن أثر الإقبال عليه لم يظهر حتى الآن، كأرقام دقيقة، وهو ما تؤكده بيانات الإنتاج في الهيئة، حيث وصل عدد الوثائق المكتتبة لدى شركات التأمين الخاصة إلى (4,585) تأمين الحريق والممتلكات للمنازل.
ولم يتوقع سليمان زيادة جوهرية وكبيرة في الإقبال على التأمين بسبب الزلزال، علماً أن غالبية وثائق تأمين الحريق تتضمن تغطية الكوارث الطبيعية، كما قال.
يشار إلى أن إلزام المواطنين والجمعيات بالتأمين على المنازل والأبنية لا يمكن أن يطبّق ما لم يصدر تشريع قانوني يوجب ذلك، إضافة إلى إلزام الجهات العامة بالتأمين على أبنيتها ومؤسساتها الإدارية والاقتصادية على حد سواء.
يذكر أن وزارة المالية عقدت مؤخراً اجتماعاً ناقشت فيه آلية إصدار منتج تأميني ضد الزلازل، يسهم في تعزيز دور قطاع التأمين الاجتماعي والاقتصادي، على اعتباره أحد أهم الوسائل التي تخفف من آثار الكوارث الطبيعية، من خلال تغطية الأضرار المادية التي قد تحدث في المباني نتيجة للزلازل.